قصص من الواقع: صخرة المظلوم

قصص من الواقع: صخرة المظلوم

قصص واقعية

يتداول أهل اليمن الكرام في موروثهم الشعبي، واقعة حدثت في العقود الماضية، حدثت في مدينة القطن بحضرموت، فيها عظيم العبرة بما تعكسه من حكمة الله وتدبيره، وعظيم صنعه في عباده.

تقول الحكاية، إنه في يوم من أيام الصيف هطلت أمطار غزيرة على منطقة القطن بحضرموت، فذهب شابان الى إحدى مغاسل السيارات بتلك المدينة لغسيل شاحنتها التي يملكانها من آثار الطين والوحل.

فقام أحد عمال المغسلة البسطاء بغسلها وتنظيفها، وأدى واجبه على الوجه الأتم الأكمل، وبعد الانتهاء واثناء استلام الشاحنة، وجه الشابان مالكا الشاحنة للعامل البسيط تهمة سرقة مبلغ 10 آلاف ريال يمني من السيارة.

فلم يكن من العامل المسكين إلا أن أنكر الأمر بشدة، ودافع عن نفسه أمام صاحب المغسلة الذي بدوره خوّن عامله ولم يقف معه، وخيره بين أمرين اثنين، إما استدعاء الشرطة وطرده من العمل، أو إعادة المبلغ الى الشابين المدعيين عليه.

حاول بطل الحكاية الدفاع عن نفسه، ورد التهمة بقدر ما يملك من قدرة، ومن توسل وحلف أيمان دون جدوى، ثم فكر ملياً بخياري صاحب العمل، استدعاء الشرطة وما يترتب على ذلك من سجن وتحقيق وهو المعيل الوحيد لأسرته الكبيرة، أو رد مبلغ 10 آلاف ريال للمدعيين، فرجح عنده أن يرد هذا الشر بان يتدبر لهما المال من مدخراته وقوت أسرته الفقيرة.

دفع صاحبنا المال للشابين المدعيين عليه زوراً وبهتاناً، حفظاً لكرامته وصيانة لسمعته، وهو يردد حسبي الله ونعم الوكيل، اللهم إليك أوكلت أمري ياعدل يا قهار.

وبعد انصراف الشابين فرحين بما غنماه من مال حرام، قرر صاحب العمل طرد العامل المظلوم صيانة لسمعة محله، فضاعف من وقع المصيبة على صاحبها؛ الذي لم يجد غير البكاء معزياً والدعاء ملاذاً.

تقول الحكاية التي تتناقلها الألسن عبر المجالس، إن الشابين اشتريا طعاماً فاخراً من السوق للاحتفال بما غنماه، وأويا إلى أحد المواقع الطبيعية الجميلة التي تشتهر بها أرض اليمن، وعلى شفير جرف جبلي أوقفا شحنتهما، فتحرك الجبل بقدرة الله المدبر وألقى بصخرة عملاقة هوت على الشاحنة فسحقتها وفيها صاحباها.

وبعد أن هرع الناس للمساعدة، تم انتشال الشابين بصعوبة بالغة، وكان أحدها قد قضى نحبه وفارق الحياة، فيما بقي في نفس صاحبة رمق من حياة، فبادر بإعلان الحقيقة، واعلن براءة العامل من البهتان الذي طاله، تائباً من الظلم الذي جلب عليه وعلى صاحبه عدالة الحق سبحانه.

ولازالت الأجيال تتناقل الحكاية والعبرة البالغة منها، خصوصاً أن الصخرة لازالت في موضعها كما تظهر لكم في الصورة المرفقة بهذا الموضوع، ولازالت بقايا الشاحنة تحت الصخرة شاهدة على أن عاقبة الظلم وخيمة، وأن عدالة الله وقدرته ترسل للناس رسائلها في مثل هذه الوقائع والحوادث، ليتعظ من يتعظ ويعتبر من يعتبر.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع