مصطفى الرافعي ومعاركه الأدبية

مصطفى الرافعي ومعاركه الأدبية

المعركة الأدبية مع طه حسين

-تُعد المعركة الأدبية التي نشبت بين الأديب مصطفى صادق الرافعي وطه حسيين، من أشهر وأحد المعارك الأدبية التي حدثت في تاريخ الأدب العربي المعاصر.

- بدأت المعركة الشرسة بعدما نشر طه حسين كتاب في الشعر الجاهلي والذي أثار ضجة كبيرة، صرح فيه برأيه في أنه يرى أن الشعر الجاهلي ليس بصحيح، وإنما هو شعرٌ منسوب للعصر الجاهلي فقط.

- ألف الرافعي للرد على طه حسين كتاب تحت راية القرآن، رد فيه بالمنطق والحجة وأبطل كلام طه حسين، كما حرّض الحكومة والصحافة والرأي العام على هذا الكتاب حتى صدر الأمر من المحكمة بمنع نشره.

- فتح الرافعي على طه حسين وابلًا مِن المقالات النقدية، التي تهدف تصحيح ما يُحاول تشويهه، فبدأه بالحجة والدليل -سطرًا سطرًا- على كتابه مِنها يقول الأستاذ طه حُسين: "ليس يُعنيني أن يكون القرآن تأثر بشعر أمية -ابن أبي الصلت- أو لا يكون" فيرد الرافعي : "إنّ القرآن عند هذا الرجل كتاب أشبه بالكتب التي يضعها المؤلفون، فتكون تمثيلًا للعصر الذي وضعت فيه، ومِن ثَمّ فلا مَعنى لِما ورد في القرآن أنّه (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فُصلت.42) وتكون هذه عقيدة الجامعة لا طه وحده مادامت تُدرس هذا".. هل يدري طه معنى قوله (مِن بَيْنِ يَدَيْهِ) ومعنى (مِنْ خَلْفِهِ)؟ إنّ معناها يا أستاذ الجامعة أنّ القرآن لا يُشخص عصرًا ولا يمثله، بل هو كتاب كل عصر، وهو الثابت على كل بحث وكل علم على مدى الأزمنة في أيها جاء، وأيها ذهب مما يطويه الماضي.

- كان الرافعي كاتبًا بالمحكمة الشرعية، ذا نفسٍ طُلَعَة، توّاقة للأدب واللغة؛ فمُكِن له القراءة على اختلافها، حتى نُفخ في مَلكته اللُغوية من روح اللغة وبيانها، فصار لِما وصل إليه من نباغة وبيان وبلاغة.

-طه حسين كان طالب أزهري، نزل إلى رغبة والديه فتفوق في الأزهر وتقدم شيئًا فشيئا، لكنه ركن إلى الشذوذ ومخالفة الرأي العام، فكان اسمه يُردد -وربما طربت أُذُناه لذلك- ترديدًا مدويًا، ثم تخرج من الأزهر والتحق بالجامعة وعمل فيها أستاذًا بكلية الآداب.

- نشبت أولى نيران المعركة بين الرجلين، حينما كتب طه حسين في مجلة "الجريدة" 1912 تعقيبًا على كتاب "تاريخ آداب العرب" للرافعي واصفًا إياه بالجمود الفكري، ومؤكدًا أنّه لم يفهم منه حرفًا واحدًا ثم أتبعه بنفس الرأي في كتاب "حديث القمر"، فوجه له الرافعي أنظاره النّقادة وأعيُنه الفّحاصة، فوصف أسلوبه بالركاكة والتكرار مُشبهًا إياه كأنه "يمضغ الكلام مضغًا".

- كتب طه عن "رسائل الأحزان" نقدًا، استوجهه الرافعي بمقالات متتالية في مجلة "السياسة"، فقال بحقها: "كل جملةٍ من جُمل الكتاب تبعث في نفسي شعورًا قويًا أنّ الكاتب يلدها ولادة وهو يُقاسي في هذه الولادة ما تُقاسيه الأم من آلام الوضع".. فرد عليه الرافعي قائلًا: "لقد نبغت في الخيال بعد أن قرأت رسائل الأحزان وستنبغ أكثر بعد أن تقرأ السحاب الأحمر، أفأنت تقوم لي في باب الاستعارة والمجاز والتشبيه". 

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع