مكانة المرأة في بعض الحضارات الإنسانية

مكانة المرأة في بعض الحضارات الإنسانية

بعضها ساوى المرأة بالحيوانات بالنسبة إلى الرجل

-تفاوتت الحضارات الإنسانية في النظر إلى النساء، فبعضها ساوى المرأة بالحيوانات بالنسبة إلى الرجل، فكما أن له الحق في امتلاك الحيوانات والاستفادة منها والتصرف بها، كذلك كانت المرأة عندهم، حياتها ملك للرجل على اعتبار أنّها لم تُخلق لذاتها بل خلقت لأجل الرجل، فكان لوليّها ـ الأب أو الزوج أن يبيعها، أو يهبها، أو يقرضها للخدمة أو للفراش أو الاستيلاد، أو يتركها حتى تموت، أو يذبحها ويأكل لحمها في المجاعات.

-المرأة عند الإغريق؛ كانتِ محتقرةً مهانة، واعتبرتها الأدبيات رجس من عمِل الشيطان، وكانتْ كسقط المتاع تُباع وتشترَى في الأسواق، مسلوبة الحقوق، محرومة من حقِّ الميراث وحقِّ التصرُّف في المال، وكانتْ في غايةِ الانحطاط، يقول سقراط: "إنَّ وجودَ المرأة هو أكبر منشأ ومصْدر للأزمة والانهيار في العالَم، إنَّ المرأة تُشبه شجرةً مَسْمومة، حيث يكون ظاهرها جميلاً، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً"، ويقول أرسطو: "إنَّ الطبيعة لم تزودِ المرأةَ بأيِّ استعداد عقلي يُعتَدُّ به؛ ولذلك يجب أن تقتصرَ تربيتُها على شؤون التدبير المنزلي والأُمومة والحَضانة" ثم يقول: "ثلاث ليس لهنَّ التصرُّف في أنفسهم: العبد ليس له إرادة، والطِّفل له إرادة ناقِصة، والمرأة لها إرادة وهي عاجِزة".

-المرأة عند الرومان؛ من أشهر الأشعار التي تعكس فلسفة الرومان ونظرتهم للإناث قولهم: "إنَّ قيْدها لا يُنزع، ونيرها لا يخلع"، وكان الأب غيرَ ملزم بقَبول ضمِّ ولده منها إلى أُسرته ذَكرًا أم أنثى، بل يُوضَع الطِّفْل بعد ولادته عندَ قدميه، فإذا رفَعَه وأخَذه بيْن يديه، كان ذلك دليلاً على أنَّه ضمَّه إلى أُسْرته، وإلا فإنَّه يعني رفْضه لذلك، وذكر مؤلف كتاب (عودة الحجاب) محمد أحمد إسماعيل المقدم، أنهم كانوا يعتبرونها كائن بلا روح أنهم "كانوا يعذبونها بسَكْب الزَّيْت الحار على بَدنِها، وربْطها بالأعمدة، بل كانوا يَربطون البريئاتِ بذُيول الخيول، ويُسرعون بها إلى أقْصى سُرْعة حتى تموت".

-المرأة عند الفُرْس، خضَعَتِ المرأة الفارسية القديمة للتياراتِ الدِّينيَّة الثلاثة، الزرادشتية، والمانوية، والمزدكية، وقد تركتْ كلُّ ديانة من هذه الديانات بصمتَها الواضحة على كيان الأُسرة، فكانت المرأة تعيش في ذلٍّ وقهْر واستعباد، وكانتِ تحتَ سُلطة الرجل المطلَقة الذي يحقُّ له أن يحكُمَ عليها بالموت، أو ينعم عليها بالحياةِ، وفي أوقات الحيْض والنِّفاس، يُبعدن عن المنازل، ويَقمْنَ في خيام بالضواحِي، ولا يجوز مخالطتُهنَّ قطعًا، بل كانوا يعتقدون أنَّهم يتنحسون إذا مسُّوهنَّ أو مسُّوا الخيام أو الأشياء المحيطة بهنَّ.

-المرأة عند الهنود؛ في شرائعِ الهندوس يقولون: "ليس الصبر المقدَّر، والرِّيح، والموت، والجحيم، والسُّم، والأفاعي، والنار، أسوأَ مِن المرأة"، وفي شريعة "مانو" ليس للمرأة حقٌّ في الاستقلال عن أبيها أو زوْجها أو ولدها، فإذا مات هؤلاء جميعًا وجَب أن تنتمي إلى رجلٍ من أقارب زوْجها، وهي قاصرةٌ طِيلةَ حياتها، ولم يكن لها حقٌّ في الحياة بعْدَ وفاة زوْجها، بل يجب أن تموتَ يومَ مات زوجها، وأن تُحرَق معه وهي حيَّة على موقِد واحد، واستمرَّتْ هذه العادة حتى القرن السابع عشر، وكانت تُقدَّم قربانًا للآلهة لترْضَى، وفي بعض مناطق الهند القديمة شجرةٌ يجب أن يُقدِّم لها أهلُ المنطقة فتاةً تأكلها كلَّ سَنَة.

-المرأة عند اليهود؛ بعض طوائف اليهود تَعتبر البنتَ في مرتبة الخادم، ولأبيها الحقُّ في أن يبيعها قاصِرة، وهي لا تَرِث إذا كان لأبيها ذريةٌ من البنين، أو تبرَّع لها به أبوها في حياته، وهي مملوكةٌ لأبيها قبلَ الزواج، ثم تُشترَى منه عندَ نِكاحها؛ لأنَّ المهر يدفع لأبيها أو لأخيها على أنَّه ثمن شراء، وبذلك تُصبح مملوكةً لزوجها، وهو سيِّدها المطلَق؛ إذ إنَّ العقد في شريعتهم عقد سِيادة لا عقد زواج، والمرأة في الشريعة اليهودية تُورَث كجزء مِن تركة الميِّت، وللرجل  أن يبيعَها أو يعضلها، وهي عندهم غيرُ طاهرة في اليوم الذي تبدأ فيه بالشُّعور بأنَّ عادتها الشهرية قد اقتربَتْ، وحتى إذا لم يكن هناك أثرٌ ظاهِر على الزَّوْج عدم ملامستها، ولا حتى بأصبعه الصَّغير، ولا يسمح له بمناولتها أي شيء، ولا حتى شيئًا طويلاً، ولا أنْ يأخذ منها شيئًا من يدِه إليها أو العكس، ولا يسمح لها بالأكْل مع زَوْجها على مائدة واحدة، ولا يُسمح له بشُرْب ما تفضل منها في الكوب، ولا يُسمح لهما في المبيت في السَّرير نفْسه، ولا في الرُّكوب معه في عَرَبة واحدة.

-المرأة عند النصارى الأوائل؛ هي سبب انتشار الفواحش والمنكرات في المجتمع الرُّوماني، لأنَّها كانت تخرج إلى المجتمعات، وتتمتَّع بما تشاء مِن اللهو، لذلك هي عندهم "أصْلَ الخطيئة"، و "رأس الشر" لأنَّها سببُ الفساد، وسبب خروج آدمَ مِن الجنة، فكانت المرأة مُطالَبةً بنوع معيَّن من السلوك ، حتى وهي داخل الكنيسة، فقد أصدر "بولس" أوامرَ صارمة لأتْباعه، وكما يقول مؤلف كتاب "قصَّة الحضارة" "لول ديورانت": "لتصمتْ نِساؤكم داخلَ الكنيسة؛ لأنَّه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمْنَ، ولكن إذا كُنَّ يُردْنَ أن يتعلمْنَ شيئًا فليسألْنَ رجالهنَّ في البيت؛ لأنَّه قبيح بالنساء أن تتكلَّم في الكنيسة".

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع