أضواء على نشأة علم النحو العربي

أضواء على نشأة علم النحو العربي

لم يكن علم النحو معروفاً عند العرب الأوائل لأنهم يستعمِلون لسانَهم عن سليقةٍ

-لم يكن علم النحو معروفاً عند العرب الأوائل؛ لأنهم يستعمِلون لسانَهم عن سليقةٍ لم يحتاجوا معها أن يُبينوا قواعدَ نظمِه، وبعد مجيء الإسلام ومخالطتِهم الأعاجمَ مالت ألسنتُهم إلى اللحن، والخروج عن أصول الكلام التي ورِثوها عن أسلافهم، فتسرَّب اللحن إلى لسانهم، وحرصًا منهم على الحفاظِ على لسانهم المُبِين الذي اختاره الله عز وجل لسانًا للقرآن ووعاءً للرسالة الخاتمة - عمِلوا على وضعِ نحوٍ ينحوه كلُّ دخيل على اللسان ويلتزمه أبناء العربية.

-دخول أمم غير عربية في الإسلام استوجب وجود علم ينظم قواعد اللغة، ليَسهُلَ عليهم التعامل مع كتاب الله عز وجل تلاوةً وفهمًا ودراسةً، فعكَف العلماء على دراسة أصواتها ومفرداتها ووصف تراكيبها، وأَلَّفوا في ذلك كتبًا لضبطها وتقعيدها، ووضعوا القواعد التي تصف هذه اللسان وصفًا محكمًا ودقيقًا.

-مفهوم علم النحو؛ يشير إلى عدة معانٍ: منها القصد، والتحريف، والجهة، وأصل هذه المعاني هو القصد؛ لأن النحو مأخوذٌ مِن قول أبي الأسود الدُّؤَلي، عندما وضع كتابًا فيه جمل العربية، ثم قال: (انحوا هذا النحو) أي: اقصدوه، والنحو القصد، فسُمِّي لذلك نحوًا.

-علم النحو هو علم تعرف به أصول أحوال الكلمات العربية؛ من حيث الإعرابُ، والبناءُ؛ أي: مِن حيث ما يعرِضُ لها في حالِ تركيبِها، فبه نعرِفُ ما يجبُ أن يكونَ عليه آخرُ الكلمةِ من رفع، أو نصب، أو جرٍّ، أو جزم، أو لزوم حالة واحدة بعد انتظامها في الجملة؛ فهو يراقِبُ الوظيفة التي تشغَلُها الكلمة في التركيب: أهيَ فاعل، أم مفعول، أم مبتدأ، أم خبر…، فالعنصرُ النَّحْويُّ يُساعِد على فَهْم وظيفة كلِّ كلمة في التركيب؛ لأنه يهتمُّ بدراسة العَلاقات المُطَّرِدة بين الكلمات في الجملة والوصول إلى معناها ودلالتها.

-ظهورَ علم النحو كان بباعثٍ ديني، لحرص المسلمين على قراءة القرآن الكريم قراءةً سليمة وفَهْم دَلالته، وخاصةً بعد فُشُوِّ اللحن الذي أخذ في الظهور والذي كان نادرًا في صدر الإسلام، وكلما تقدَّمنا منحدرين اتَّسع شُيُوع اللحن في الألسن، خاصةً بعد تعريب غيرِ العرب…، وكل ذلك وغيره جعل الحاجةَ ماسةً إلى وضع تقعيد يُعرَف به الصواب مِن الخطأ في الكلامِ خشيةَ دخول اللحن وشيوعه في تلاوة آيات الذِّكر الحكيم، هذا دفع إلى التفكيرِ في وضع النحو وتقرير قواعد تنتظم في قوانين قياسية من استقراء دقيق للعبارات والتراكيب الفصيحة وأوضاعها الإعرابية.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع