ما هي بلاد فارس؟.. ملامح تأسيسها وتاريخها الاقتصادي والسياسي

ما هي بلاد فارس؟.. ملامح تأسيسها وتاريخها الاقتصادي والسياسي

ظلّت بلاد فارس تُعرف بهذا الاسم حتّى عام 1935م عندما قرر الشّاه رضا بهلوي تحويل اسمها ليصبح مملكة إيران.

ـ بلاد فارس (أو الإمبراطوريّة الفارسيّة) هي الاسم القديم لدولة إيران، وتشمل جميع خصائصها الجغرافيّة وبيئتيها الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وتعود أصول بلاد فارس إلى المهاجرين الذين تحدّثوا باللغة الإيرانيّة ووصلوا إلى تلك الأراضي الآسيويّة في سنة 1500 ق.م، كما يُشار إلى أنهم ينتمون للقبائل القوقازيّة التي رحلت إلى الهضبة الإيرانيّة، وبعد وصولها إلى تلك المناطق حرصت على التفاعل والاختلاط مع الشعوب التي كانت موجودة فيها.

تحوّل اسم بلاد فارس

ـ ظلّت بلاد فارس تُعرف بهذا الاسم حتّى عام 1935م عندما قرر الشّاه رضا بهلوي تحويل اسمها ليصبح مملكة إيران.

ـ أمّا أصول كلمة إيران فمشتقة من آرى نسبة للآريين الذين وصلوا إلى الجهة الغربيّة من بلاد فارس في حوالي سنة 2000 قبل الميلاد، بالتزامن مع فترة حُكم الآشوريين الذين ساهموا في تأسيس الإمبراطوريّة الفارسيّة.

ملامح بلاد فارس

ـ امتدّت الملامح القديمة لبلاد فارس حتّى شملت أراضٍ أكبر وأوسع من الأراضي التي تشملها إيران في الوقت الحالي، كما أنّها شملت مجموعة من الشعوب والمناطق والدول الكثيرة، فقد وصلت إلى الأراضي المصريّة.

ـ واستمر اسم فارس مستخدماً للإشارة إلى الأرض التي توجد عليها إيران حالياً حتّى عام 1979م؛ إذ صار اسم إيران الأكثر استخداماً حول العالم.

ـ تُعدّ مساحة بلاد فارس (إيران) الجغرافيّة كبيرةً؛ بسبب شمولها للعديد من التضاريس الجغرافيّة، فهي تحتوي على سلسلتين من الجبال المهمة، وهما جبال البرز الواقعة في الجهة الشماليّة من الدولة، والممتدة من الجهة الشماليّة الغربيّة للقوقاز وصولاً إلى الجهة الشرقيّة عند خراسان، وجبال الزاجروس الممتدة من الجهة الغربيّة للدولة وصولاً إلى الجهة الجنوبيّة الشرقيّة، كما تحتوي بلاد فارس على مساحات صحراويّة كبيرة، وهي صحاري لوط وكوير اللتان تقعان في الجهة الشرقيّة من الدولة، وهما غير صالحتين للعيش.

نبذة عن تاريخ تأسيس بلاد فارس

ـ يعود تأسيس بلاد فارس إلى مُؤسّسها الملك كورش الثّاني (سيروس الثّاني)؛ حيث احتل العاصمة الخاصة بالميديين والمعروفة باسم إكبتانا وسيطر على الإمبراطوريّة الميدية بشكلٍ تام، وكان احتلاله لميديا هو الخطوة الأولى نحو تأسيسه لبلاد فارس، كما خاض مجموعة من الحروب الأُخرى التي اعتمد فيها على إنشاء تحالفات مع العديد من الحُكام والملوك.

ـ بعد انتهاء حُكم الملك كورش حكم ابنه كامبيسيس الثّاني بلاد فارس وضمّ لها مصر، ولكن اندلاع بعض المشاكل والصراعات أدّى إلى قتله، ليستلم الحُكم بعد ذلك داريوس الأوّل الذي استطاع أن يستعيدَ السيطرة على الإمبراطوريّة الفارسيّة، وحرص على تقسيمها إلى حوالي 20 مقاطعة، ساهمت كلّ واحدة منها في تطوير بلاد فارس.

ـ وأدّت أفكار داريوس إلى توفير الحماية المناسبة للمال العام؛ من خلال اعتماده على الضرائب التي استخدمها في عملية بناء الأسلحة البحريّة، ودعم النفقات العامة، وتزويد الأموال للعمليات المُتخصّصة بإنشاء الطُرق، والتنقيب لاستخراج المعادن، ودعم عمليات الرّي المائيّ، وغيرها من النشاطات الأُخرى.

ـ حرص داريوس خلال الفترة الزمنيّة بين سنوات 486 و522 ق.م على مدّ مجموعة من الطُرق في أراضي بلاد فارس، ووصل امتدادها إلى حوالي 3200 كم؛ من أجل تعزيز الاتصالات والربط بين أماكن الإمبراطوريّة الفارسيّة عن طريق الاعتماد على الرّجال والخيول في نقل الرسائل، وحمل الوثائق بين المقاطعات، وقد ساهمت هذه الفكرة في وصول الرسائل بشكلٍ سريع، واستخدمت اللغة الآرامية في كتابة جميع الرسائل المنقولة بين المناطق؛ وهي لغة منتمية لإحدى القبائل السوريّة وشهدت انتشاراً ملحوظاً في آشور وبابل؛ ممّا ساهم في وصولها إلى الكثير من الأماكن الأُخرى.

ـ اهتمّ داريوس ببناء بيئة إداريّة لبلاد فارس، واختار الديانة الزرادشتيّة حتّى تكون الدين الرسميّ للدولة، كما حرص على تأسيس السلالة الأخمينيّة، وفي سنة 521 ق.م نقل عاصمة الإمبراطوريّة الفارسيّة إلى مدينة سوسا، وحرص على بناء قصرٍ وقاعةٍ مُخصّصة للنّاس.

ـ ومع مرور الوقت - وتحديداً خلال فترة القرن السادس ق.م - اشتهرت بلاد فارس بانتشار حرفة صناعة السجاد، فأصبحت السجادة الواحدة تُمثّل عملاً فنيّاً، وتحفةً امتلكها الأفراد الذين عاشوا على أرض الهضبة الغربيّة الآسيويّة، والممتدة من الأراضيّ التركيّة عبر الأراضي الإيرانيّة.

العمارة في بلاد فارس

ـ تميّزت بلاد فارس بنوعية عمارة خاصة بها، وتأثّرت بمجموعة من العوامل الأساسيّة، والجوانب النظريّة، وفيما يأتي معلومات عن كلٍّ منها:

العوامل الأساسيّة

ـ تشمل العوامل المُؤثّرة في عمارة بلاد فارس الآتي:

ـ العوامل الإنسانيّة: هي العوامل المُتّصلة مع تقديس الفُرس لقوى ومكوّنات الطبيعة المحيطة بهم، كالماء والنّار والشمس، ولم يظهر عند الفُرس أي اهتمام ببناء العمارة ذات الطبيعة الدينيّة، فكانت الطقوس الخاصة بهم تعتمد على تسلق الجبال، وذلك على نحو بناء يمتلك شكلاً مستطيلاً أو مربعاً من الحجارة، يتمّ الوصول له باستخدام درج، أمّا التطوّر الحقيقيّ في العمارة الفارسيّة فقد اعتمد على العمارة الخاصة بالقصور الملكيّة.

ـ العوامل البيئيّة: هي العوامل المُتصلة بطبيعة المناخ والطقس الخاص ببلاد فارس، والذي أثّر في نوعية وتصميم عمارتها، ففصل الشتاء فيها شديد البرودة، أمّا فصل الصيف فهو حارٌّ جداً؛ لذلك فقد حرص الفُرس على إنشاء المباني التي تتناسب مع هذه الظروف المناخيّة.

ـ العوامل التقنيّة: هي العوامل المُتصلة بالصناعة؛ حيث لم يُظهر الفرس أي اهتمام بمجال الصناعة، وكان اهتمامهم الصناعيّ معتمداً على الحِرف اليدويّة.

الجوانب النظريّة

ـ تتميّز عمارة بلاد فارس بعدّة جوانب نظريّة ومن أهمّها:

ـ الوظيفة: وهي ما يميّز العمارة الفارسيّة عن غيرها من أنواع العمارة الأُخرى، فمثلاً بُنيت القصور الكبيرة التي تتميّز عن القصور الخاصة بحضارة بلاد ما بين النّهرين، فكان القصر الفارسيّ يحتوي على مجموعة من العناصر والمكوّنات التي تُساهم في استخدامه كمكانٍ للسكن، بالتزامن مع استخدامه كمكانٍ للحُكم.

ـ المتانة: وذلك عن طريق استخدام العمارة الفارسيّة للمواد ذات الطبيعة القويّة، كالحجارة التي ساهمت في بقاء آثارها.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع