أشداء على الأقوياء رحماء بالضعفاء

أشداء على الأقوياء رحماء بالضعفاء

روائع من تاريخنا الاسلامي

وقف جنود جيش صلاح الدين الأيوبي ليلا يتبارون أيهم يخطف هذا الأمير الصليبي المحارب القوي، الذي كان يبطش بجنود المسلمين في المعركة.

-فقال أحدهم للآخر متحدياً و الله لاتخذنه أسيراً هذه الليلة، ولاحضرنه من خيمته مكبلا ذليلا.

فقال له الآخر لأسبقنك إلى ذلك، فنزل الاثنان الى بحيرة طبرية التي تفصل بين معسكر جيش المسلمين عن الجيش الصليبي ليسبحان الى الضفة الأخرى من البحيرة في جنح الظلام.

وصل المتباري الأول الي خيمة الأمير الصليبي فقام بأسره و تكبيله ثم عاد به سابحا الى معسكر المسلمين، أما المتباري الآخر فدخل الخيمة فلم يجد الأمير فحدثته نفسه ما دليلي اذا عدت الى اخواني من الجنود، وماذا اذا ظنوا اني خفت و لم ادخل خيمة هذا الأمير القوي؟.

فجنح به تفكيره أن يعود بهذا الطفل الصغير النائم في سريره ليكون دليلا علي مهمته الصعبة، فحمله بين ذراعيه ليعود به الى اخوانه قائلاً:

-لقد دخلت خيمة الأمير الصليبي وهذا طفله بين يدي دليلاً على ذلك، استيقظت زوجة الأمير تبحث عن ولدها وزوجها في الخيمة فلم تجد أحداً، فأخذت تصرخ و تندب حظها صارخة أين زوجي وولدي، فهداها تفكيرها أن تذهب الى ريتشارد قلب الأسد، ولم لا فهو قائد الجيوش الصليبية، وهو أبن عمتها، فدخلت عليه تشكي أسر زوجها وخطف وليدها.

فقال لها لا استطيع أن أفعل لك شيئاً، فصلاح الدين مفاوض عنيد وسيستغل قرابتك مني فأطلق سراح الأسري المسلمين، و لكن أنصحك أن تذهبي بنفسك فهؤلاء القوم رحماء على الضعفاء، أشداء على الأقوياء.

ثم أمر لها بكوكبة من الجند الصليبين ليصحبوها خارج معسكرهم، ثم يتركوها لتذهب وحدها الي معسكر جيش المسلمين، فلما شارفت على الوصول لمعسكر المسلمين خرج لها جند الجيش الإسلامي، فقالت لهم أنها امرأة جاءت لتقابل صلاح الدين في أمر هام، فحملوها الى خيمة صلاح الدين فدخلت عليه باكية شاكية ترتعد جوارحها خوفا علي وليدها، ثم قالت له:

لقد خطف جنودك وليدي بالأمس فأرجوا منك أيها السلطان العادل أن ترده لي، فغضب صلاح الدين ونادي علي وزيره أن ينادي حالا في المعسكر من خطف طفلاً بالأمس أن يرجعه الآن الى خيمة السلطان.

وسرعان ما عاد الوزير مع جارية تحمل طفلاً بين يديها وقد رضع حتى الشبع نائما مستكيناً آمنا، فقال صلاح الدين:

هل هذا هو ابنك فهرعت الى الجارية لتنظر وجه الطفل، ثم أجابت نعم أيها السلطان العدل.

ثم حدثت نفسها؛ أن صدق ريتشارد رحماء على الضعفاء.

فقال لها السلطان العادل لقد روعناك يا أمة الله فتمني علينا حتي نرضيك.

فقالت في نفسها إن زوجي مقتول لو لم استغل هذه الفرصة، فقالت أيها السلطان زوجي الأمير قد أسر بالأمس، ففك صلاح الجين وثاقه وأمر بتأمينهما حتى يخرجوا من معسكر المسلمين، إلى معسكر جيش الصليبين.

فلما أشرفوا على معسكر الجيش الصليبي نظر الأمير الصليبي الى زوجته نظرة تفهمها المرأة؛ نظرة الرجل الذي يتهم زوجته في شرفها، فسائلها ماذا أعطيت من نفسك لصلاح الدين حتي يطلق سراحي؟.

فصرخت به و الله اني لآمن على نفسي مع رجل منهم في خيمة واحدة على أن أكون وسط جيشك، فو الله ما نظر لي واحد منهم نظرة فيها رغبة، أما عن جندك وجند ابن عمي ريتشارد فكانوا يخترقون بنظراتهم جسدي بشهواتهم ورغباتهم الدنيئة.

ثم بكت بكاءً حاراً، فحن زوجها لدمعاتها الصادقة ثم نظر لها  نظرة ذات معني ثم قال:

والله أن دينا كدين الإسلام هذا شأن أصحابه و أتباعه لحري بنا أن نتبعه، فعاد بها الى جيش المسلمين ودخل بها الى معسكر المسلمين معلنا إسلامهما ومحاربتة الى جانب السلطان العادل صلاح الدين الأيوبي.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع