الولي
-اسم الولي ورد مطلقاً معرفاً، معنى مطلق؛ كأن تقول: قلم، أي قلم، أما إذا
قلت: قلم المعلم، أضفت القلم إلى المعلم، أي قيدته بالمعلم، فإذا جاء الاسم مضافاً
فهو مقيد، وإذا جاء غير مضاف فهو مطلق، فهذا الاسم ورد مطلقاً معرفاً في قوله
تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ
وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة الشورى، وورد الاسم
مقيداً (أي مضافاً) في نصوص كثيرة، كقوله تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي
نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) سورة الأعراف.
-اسم الله تعالى المولى ورد في القرآن الكريم مطلقاً ومضافاً،
فالله عز وجل يقول: (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ
نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) سورة الأنفال، وفي آية ثانية: (وَاعْتَصِمُوا
بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) سورة الحج،
وورد مضافاً في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا
وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ) (سورة محمد)، وقوله تعالى: (قُلْ لَنْ
يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
- الولي في اللغة هو الذي يلي غيره بحيث يكون قريبًا منه بلا فاصل، قال
الراغب الأصفهاني: الولاء والتوالي يطلق على القرب، من حيث المكان، ومن حيث النسب،
ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة، ومن حيث النصرة، ومن حيث الاعتقاد، والولاية
النصرة، والولاية تولي الأمر.
-الفرق بين (الولي) و (المولى) هو؛ أن الولي من تولى أمرك وقام بتدبير حالك
وحال غيرك؛ وهذه من ولاية العموم، أما المولى فهو من تركن إليه وتعتمد عليه وتحتمي
به عند الشدة والرخاء، وفي السراء والضراء، وهذه من ولاية الخصوص، لذا كثيرًا ما
يأتي اسم الله المولى في ولاية الخصوص.
-الولي من أسماء الأفعال، وصفة الولاية على نوعين؛ الأولى ولاية
عامة: تقتضي الخلق والرزق والإحاطة، ومنها قوله تعالى (ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى
اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ )
(62) سورة الأنعام، الثانية ولاية خاصة: تقتضي الهداية والتوفيق (اللّهُ وَلِيُّ
الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ) (257) سورة
البقرة، وتقتضي النصرة والتأييد كما في قوله تعالى (بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ
وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) (150) سورة آل عمران، وتقتضي المحبة، قال تعالى (إِنَّ
وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ)
(196) سورة الأعراف، وتؤدي كذلك إلى الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة (أَلا
إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (62) سورة
يونس.
- -اقترن اسم الله الولي باسم الله النصير كثيرًا، ومنه قوله تعالى
(وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ
نَصِيرًا) (45) سورة النساء؛ لأن ولاية الله الخاصة تقتضي نصرة أوليائه، فهو المتولي
لأحوال عباده وهو الناصر لهم، ودل هذا الاسم على تنزيه الله تعالى أن يكون في
ولاية أحد له ما يقتضي الذل، قال تعالى (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ
يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ
وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا) (111) سورة الإسراء.
-واقترن الولي كذلك باسم الله الحميد قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ
الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ
الْحَمِيدُ) (28) سورة الشورى، لتدل على وجوب شكر الله وحمده على توليه لعباده،
واقترن أيضًا باسمين عظيمين في قوله تعالى (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ
أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (2) سورة
التحريم، فهي ولاية علم محيط وحكمة بالغة.
-كان من هدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يتعبد الله بذكر هذا الاسم
والتعلق بمقتضاه، وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة حينما قال
لهم أبو سفيان: لنا العُزى ولا عُزى لكم، فقال: (قولوا الله مولانا ولا مولى لكم)،
وكان من أذكاره صلى الله عليه وسلم عند نومه أن يتوجه إلى ربه بمقتضى هذا الاسم
فيقول: ا(للهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة
إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت)
قال صلى الله عليه وسلم: فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم
به) متفق عليه.