الخالق والخلاق
-(الخالق) ورد في أحد عشر موضعاً من القرآن الكريم، ومنها
الآيات التي في خواتيم سورة الحشر: (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
المَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ
المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللهُ الْخَالِقُ
الْبَارِئُ المُصَوِّرُ)، وكما في قوله تعالى: ف(َتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ)، وقوله سبحانه: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ * أَأَنْتُمْ
تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ).
-(الخلاق) ورد مرتين في قول الله عز وجل في سورة الحجر: (إِنَّ
رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)، وفي خواتيم سورة ياسين: (بَلَى وَهُوَ
الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ).
-الخالق والخلاق معناهما واحد، لكن الخلاق مبالغة تدل على كثرة
خلقه وإنشائه وإيجاده جل جلاله.
-الخالق معناه أنه جل جلاله ينشئ ويخترع ويوجد على غير مثال
سابق، أو على مثال لم يُسبق إليه؛ ولذلك الله عز وجل قال: (يَخْلُقُكُمْ فِي
بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ)[الزمر:6].
-تحدث الله تعالى في القرآن الكريم عن مخلوقاته وكيف أنه أبدعها،
فحدثنا عن خلق السموات والأرض، وعن خلق الإنسان، وعن خلق الدواب والأنعام، وعن خلق
الأفلاك والشمس والقمر، يقول الله عز وجل عن خلق السموات والأرض، وحدثنا كذلك عن
خلق الليل والنهار، والشمس والقمر، وحدثنا الله سبحانه وتعالى عن خلق الدواب، وحدثنا
عن خلق الموت والحياة، وحدثنا عن خلق الإنسان وكيف أنه انتقل من طور إلى طور، وبين
ربنا أيضاً الأطوار التي يمر بها هذا الإنسان في مراحل عمره، للذلك نحن نؤمن بأن
ربنا خالق وأن ربنا خلاق جل جلاله، وأنه خالق كل شيء، وأنه لا خالق سواه، خالق الإنسان وخالق عمله: وَاللهُ خَلَقَكُمْ
وَمَا تَعْمَلُونَ[الصافات:96].
-الخالق هو الله، صاحب الأسماء الحسنى والصفات الفضلى علم على
الذات، قال الله تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، فالله سبحانه؛ يحتاجه كل شيء في كل شيء فاعبدوه، ونلاحظ أن أمر
العبادة يأتي في الأعم الأغلب في القرآن الكريم بعد اسم الخالق، كقوله تعالى : (اعْبُدُوا
رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ) و (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ).
-(الخلاّق) صيغة مبالغة لاسم الفاعل، أي كثير الخلق وعظيم الخلق،
إذ ترى مجرة بُعدُها عنّا ستة عشر ألف مليون كيلو متر، وقلب العقرب، يتسع للأرض
والشمس مع المسافة بينهما، وأربعة أخماس الكرة الأرضية بحراً، وبعض أعماقه عشرة
آلاف متر، إنه شيء مخيف، واصعد إلى بعض الجبال جبال الهمالايا مثلاً، يهولك
ارتفاعها، وانظر إلى بعض الحيوانات، فالحوت الأزرق، مائة وخمسون طناً، ودمه تسعون
برميلاً من زيت السمك، يستخرج من حوت واحد، من اللحم خمسون طناً، ومن الدهن خمسون
طناً تقريباً وأحشاؤُه خمسون طناً، فهل من خالق غير الله؟.