الألعاب الرياضية في زمن النبوة

الألعاب الرياضية في زمن النبوة

كان النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- يرعى بعض أنواع المسابقات ويحضرُها مشرفًا ومشاركًا ومشجّعًا

-الحياة في الحضارة الإسلامية لم تقتصر على فنون الحرب، وبناء المسجد والمدارس والكتاتيب والجامعات، ولم تقتصر الدولة الإسلامية على مظاهر القوة والعمران والعم، بل عرف المسلمون كذلك ضروب الرياضات البدنية والذهنية، التي كان بعضها سائداً قبل الإسلام وأقر بعضها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

-عرف العرب في جاهليتهم أنواعا كثيرة من الألعاب الجماعية كانوا يمارسونها منذ مرحلة الطفولة الأولى وحتى ما بعد البلوغ، وتذكر المعاجم العربية أسماء العشرات من هذه الألعاب؛ فقد عقَد الإمام اللغوي ابنُ سِيدَهْ الأندلسي (ت 458هـ/1067م) باباً في كتابه (المخصَّص) سمّاه: "أسماء عامة اللهو والملاهي"، وأدرج فيه مبحثا عن "اللعِب" فذكر فيه من أسماء الألعاب 42 لعبة. ثم جاء بعده ابن منظور (ت 711هـ/1311م) فزاد عليه -في (لسان العرب)- ألعابا عديدة شرح كيفية لعب بعضها.

-كان المسلمون يلعبون ويتسلَّوْن وفق قواعد منضبطة للعب الهادف المحترف؛ فكان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من عظماء مصارعي العرب، وفازت ناقته في معظم سباقات الهجن وغُلِبت تارة، وكان أئمة من التابعين من أمهر لاعبي الشطرنج في التاريخ، وعشق علماء وأمراء الدولة الإسلامية السباحة والكرة والصيد وألعاب القوى.

-لعبة الكُرَّكْ، وهو تمثالُ خشبٍ "يُتَّخَذ مثلَ المُهْر يُلعَب عليه"؛ وفقاً لابن منظور في (لسان العرب)، وفي حديثه عن المجتمع المكي؛ خصَّص المؤرخ الفاكهي في كتابه (أخبار مكة)- فصلا كان عنوانه: "ذكْرُ ما كان عليه أهل مكة يلعبون به في الجاهلية والإسلام ثم تركوه بعد ذلك"؛ فذكر فيه أن عمر بن الخطاب خليفة المسلمين الثاني، قدِم مكة فرأى لعبة (الكُرَّكْ) يُلعب بهـا، فقال: (لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرَّك ما أقررتُك! وقال المكيون: هو لعب قديم كان أهل مكة يلعبون به.

-لعبة المصارعة، وكانت من ألعاب العرب الشائعة، ومن أشهر ما ورد فيها قصة مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لابن رُكَانة القرشي بمكة، التي رواها -في (البداية والنهاية)- الإمامُ ابن كثير بإسناد جيد عن ابن عباس وخلاصتها "أن يزيد بن ركانة صارع النبيَّ.. فصرعه النبيُّ.. ثلاث مرات..، فلما كان في الثالثة قال: يا محمد، ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك".

-لعبة الحراب؛ حديثُ أم المؤمنين عائشة الذي أخرجه البخاريّ قالت: "لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا على باب حجرتي، والحبشة يلعبون في المسجد -ورسول الله يسترني بردائه- أنظر إلى لعبهم"، وجاء في بعض الروايات أنهم كانوا "يلعبون بحرابهم"، ويبدو أن ذلك كان عادةً متأصلة في مجتمع الأنصار بالمدينة؛ حيث احتفي بمقدم النبي حيان أتاهم مهاجراً من مكة حيث "لعبت الحبشة بحرابهم فرحاً لقدومه".

-العاب الفروسية، رغم أن الشريعة الإسلامية سدّت أبواب المقامرات المُتلفة للأموال في غير نفع يعود على المجتمع، إلا أنها استثنت من السباق ما يمكنُ أن يُعين على القوة والفروسية وإعداد أفراد المجتمع إعدادا بدنيا يمنحهم القوة والنشاط، كالرمي وسباق الخيل والإبل؛ فقد روى أبو داود والترمذي والنَّسائي وغيرهم من حديث أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا سَبَقَ (جائزة الفوز) إلا في نَصْل (مباراة الرماية)، أو خُفٍّ (سباق الإبل)، أو حافِر (سباق الخيل)"، وكان النبيُّ –صلى الله عليه وسلم- يرعى هذا النوع من المسابقات ويحضرُه مشرفًا ومشاركًا ومشجّعًا؛ ولذا جاء في صحيح البخاريّ من حديث ابن عمر "أن رسول الله ﷺ سابق بين الخيل التي أُضمِرت (عدّت للسباق والقتال) من الحفياء وأمَدُها ثنية الوداع (المسافة بين الموضعيْن 10 كم تقريبا)، وسابق بين الخيل التي لم تُضمر من الثنيّة إلى مسجد بني زريق، وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها"، وأما الرمايةُ فكانت محببّة إلى النبيّ –صلى الله عليه وسلم- فقد روى البخاري من حديث سلمة بن الأكوع أنه قال: "مَرَّ النبي –صلى الله عليه وسلم-  على نفَر من أسلم يَنتضلون، فقال: "ارْموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا".

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع