النجاشي الملك الوحيد الذي صلَّى عليه رسول الله ﷺ صلاة الغائب

النجاشي الملك الوحيد الذي صلَّى عليه رسول الله ﷺ صلاة الغائب

آوى نجاشي الحبشة المسلمين الهاربين من بطش كفار قريش والذين أمر رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- بالهجرة إلى الحبشة.

الهجرة إلى الحبشة

- بعد أنِ اشتدَّ أذى مشركي قريش على من آمن مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في بداية الدعوة الإسلامية، أمر رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، وقد وقع اختيار رسول الله على هذه البلاد لأنَّ أهلها من أهل الكتاب ولأنَّها بعيدة عن مكة بُعدًا يوفِّر الأمان والحماية للمسلمين، ولأنَّها مستقلة سياسيًا استقلالًا تامَّا، ولأنَّ فيها ملكًا من أهل الكتاب لا يُظلم عند هذا الملك أحدٌ على الاطلاق، وهو أصحمة النجاشي الملك العادل الذي جعل العدل أساسًا ومنهاجًا في حكمه في الحبشة، وهذا المقال سيسلط الضوء على أصحمة النجاشي ملك الحبشة من جوانب عدَّة.

النجاشي

- هو أصحمة بن أبجر إمبراطور الحبشة وملكها، وهو نجاشي أكسوم الذي حكم الحبشة في الفترة التي بُعث فيها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد ذكرتِ المصادر التاريخية أنَّ أصحمة نجاشي الحبشة حكم البلاد وهو في التاسعة من عمره بعد وفاة عمِّه بصاعقة، وفي فترة حكمهِ نشر العدل والسلام في البلاد فذاع صيته وانتشرَتْ سيرته في كلِّ مكان، وقد آوى نجاشي الحبشة المسلمين الهاربين من بطش كفار قريش والذين أمر رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- بالهجرة إلى الحبشة، فعاشوا في بلاده حينًا من الدهر ولم يجدوا منه إلَّا طيب المعاملة وحسن الجوار، ويُرجَّح أنَّ نجاشي الحبشة مات عام 630م، ومن الجدير بالذكر إنَّ أصحمة نجاشي الحبشة هو الرجل الوحيد الذي صلَّى عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- صلاة الغائب بعد وفاته؛ فعنْ أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "نعَى رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- النَّجاشيَّ لأصحابِهِ بالمدينةِ، فصفُّوا خلفَهُ فصلَّى علَيهِ، وَكَبَّرَ أربعًا"، والله تعالى أعلم.

- وتُذكر لنجاشي الحبشة قصته مع المهاجرين المسلمين الذين تبعهم عمرو بن العاص -وكان مشركًا- إلى الحبشة مندوبًا عن كفار قريش، وكان قد أخذ الهدايا إلى الحبشة لكي يستميله إليه ويحظى بمن هاجر من المسلمين ويعيدهم إلى مكة، وبعد أن سمع نجاشي الحبشة من الطرفين قال نجاشي الحبشة قولته الشهيرة لجعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي كان يتحدث باسم المسلمين المهاجرين: "يا معشر القسيسين والرُّهبان، ما يزيد هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه، مرحبا بكم، وبمن جئتم من عنده ، فأنَا أشهدُ أنَّه رسول الله وأنَّه الذي بشَّر بهِ عيسى ابن مريم، ولولا ما أنا فيه من الملك، لأتيتهُ حتَّى أحملَ نعليهِ، امكثوا في أرضي ما شئتمْ، وأمرَ لهم بطعام وكسوة، وقال: ردوا على هذين هديتهم"، والله أعلم.

إسلام النجاشي

- لقد ثبت بالأدلة الصحيحة في السنة النبوية إسلام النجاشي أصحمة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نَعَى النَّجَاشِيَّ في اليَومِ الذي مَاتَ فِيهِ، وخَرَجَ بهِمْ إلى المُصَلَّى، فَصَفَّ بهِمْ، وكَبَّرَ عليه أرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ"، وقد جزم ابن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة بإسلام نجاشي الحبشة، ويستدل النووي بالحديث السابق بمشروعية صلاة الغائب في الإسلام، ويُعدُّ نجاشي الحبشة أوَّلَ من أسلم من ملوك العجم، قال ابن حجر: "أصحمة بن أبحر النَّجاشي ملك الحبشة، واسمه بالعربية عطية، والنجاشي لقبٌ له، أسلم على عهد النّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولم يهاجر إليه، وكان ردءًا للمسلمين، نافعًا، وقصَّتهُ مشهورة في المغازي، في إحسانِه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام"، والله أعلم.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع