الشيخ علي القره داغي.. رمز الوساطة والسلام في العالم الإسلامي

الشيخ علي القره داغي.. رمز الوساطة والسلام في العالم الإسلامي

انضم الشيخ القره داغي إلى هيئة التدريس في كلية الشريعة في قطر عام 1985

علي القره داغي هو عالم وفقيه عراقي، يتمتع بسمعة قوية في الأوساط الدينية. يشغل حالياً منصب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مما يعكس مكانته البارزة في المجتمع الإسلامي الدولي.

مولد ونشأة علي القرداغي

ولد الشيخ علي محي الدين القره داغي في عام 1949 في منطقة قره داغ التابعة لمحافظة السليمانية في كردستان العراق.

كانت أسرته ذات خلفية علمية دينية ترتبط بنسبها إلى الإمام الحسين. نشأ في بيئة دينية تأثر فيها بتعاليم الإسلام، حيث علمته والدته مبادئ الدين وكانت تحرص على تربيته وإخوته على حفظ القرآن الكريم وتعلم العقيدة.

الشيخ القره داغي ذكر أن والدته كانت تدعو له دائمًا بأن يكون خادمًا للدين، مثل الإمام الشافعي. تأثر أيضًا بوالده محي الدين القره داغي الذي وصفه بأنه كان صاحب قوة وعزم، وتوجيهه لقراءة كتب مثل "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي وكتب عقائد ابن تيمية.

عمه الشيخ نجم الدين أيضًا كان له تأثير كبير في حياة الشيخ القره داغي، حيث تلمذ على يديه واكتسب من خلاله الأخلاق والرقي.

وترك خاله مصطفى القره داغي أيضًا بصمته في حياته، إذ كان عالمًا وقاضيًا وفقيهًا، وشجعه على العلم والتعلم والاجتهاد.

دراسة علي القره داغي

حفظ الشيخ علي القره داغي القرآن الكريم على أيدي أفراد عائلته قبل أن ينتقل إلى السليمانية ليتتلمذ على يد مجموعة من علماء المدينة، وكان عمه الشيخ نجم الدين القره داغي وخاله الشيخ مصطفى القره داغي من بين أبرز معلميه.

بعد ذلك، انتقل إلى بغداد ليكمل تعليمه عند علماء العاصمة، بما في ذلك الشيخ عبد الكريم محمد المدرس والشيخ عبد القادر الخطيب.

في فترة دراسته، لم يقتصر علي دراسة العلوم الشرعية فقط، بل شملت دراسته أيضًا للشعر العربي والكردي والفارسي، حيث قام بحفظ العديد من القصائد خلال رحلته التعليمية.

حاز على الإجازة العلمية من عدة علماء في عام 1970، وتميّز بتفوقه في المعهد الإسلامي ليكون الأول على مستوى الإقليم. واصل دراسته في كلية الإمام الأعظم في بغداد، حيث تخرج بتقدير امتياز في عام 1975.

بعد ذلك، سافر إلى مصر لمتابعة دراسته العليا في كلية الشريعة والقانون في الجامع الأزهر. حاز على شهادة الماجستير في الفقه المقارن والقانون من جامعة الأزهر الشريف في عام 1980.

وفي عام 1985، حصل على شهادة الدكتوراه في تخصص العقود والمعاملات المالية، حيث ناقش رسالته التي كانت تحمل عنوان "مبدأ الرضا في الشريعة الإسلامية والقانون المدني".

تناولت الرسالة دراسة في المذاهب الفقهية الثمانية والقوانين المختلفة، وقد أوصت اللجنة العلمية بطباعتها وترجمتها إلى اللغات العالمية.

التجربة الدينية والعملية لعلي القره داغي

انضم الشيخ القره داغي إلى هيئة التدريس في كلية الشريعة في قطر عام 1985، حيث شغل منصب أستاذ مساعد في الكلية في عام 1990، ومن ثم تقدم في مسيرته الأكاديمية ليصبح أستاذاً بروفيسوراً في عام 1995.

قضى الشيخ أكثر من ربع قرن في تقديم دروسه القيمة في جامعة قطر، بالإضافة إلى خدمته في عدة كليات ومعاهد مرموقة أخرى.

وقد كان له دور فعّال في تأسيس العديد من المؤسسات الخيرية، حيث ساهم بشكل كبير في مجالات الإغاثة ودعم اللاجئين والنازحين، وكذلك في رعاية الأيتام. عمل الشيخ أيضًا على بناء المساجد والمستشفيات، مساهماً بشكل كبير في تعزيز التنمية الاجتماعية والإنسانية في المجتمع.

ترك الشيخ القره داغي بصمة قوية في المجتمع بفضل تفانيه في العمل الأكاديمي وجهوده الخيرية الواسعة، وظل محل احترام وتقدير الناس على مر السنين.

الشيخ علي القره داغي هو رائد ومؤسس لعدة منظمات خيرية وهيئات فقهية إسلامية دولية. شارك بفعالية في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية على الصعيدين المحلي والدولي.

لعب الشيخ علي القره داغي دوراً بارزاً في تحقيق المصالحات وتعزيز الأمن في عدة مناطق ودول، مثل جمهورية داغستان وأنغوشيا والشيشان.

شارك كعضو في وفد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في الوساطة بين الحكومة اليمنية والحوثيين عام 2010، حيث نجح الوفد في إنهاء الصراع.

ترأس الشيخ علي القره داغي أيضاً وفد الوساطة بين شعبي القرغيز والأوزبك في قرغيزستان، حيث أسهم الوفد بجهوده في تحقيق مصالحة بين القبيلتين وإنهاء حالة الصراع والقتال الداخلي.

بفضل إسهاماته الكبيرة في مجال الوساطة والجهود الخيرية، بات الشيخ علي القره داغي شخصية محترمة وموثوق بها في سعيه لتحقيق السلام والاستقرار في مناطق متعددة.

وظائف ومناصب علي القره داغي

عمل الشيخ علي القرداغي في عدد من الوظائف والمناصب فكان:

·        استاذ ورئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية في جامعة قطر.

·        مؤسس ورئيس مجلس أمناء جامعة التنمية البشرية في كردستان العراق.

·        عضوا تنفيذيا لهيئة الفتوى والرقابة الشرعية لعدد من البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامي داخل قطر.

·        عمل خبيرا في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدّة.

·        الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

·        نائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، 2010-2018.

·        نائب رئيس مجموعة الاتصال الدولية للسلم والاعتدال.

·        عضو في جمعية علماء الشريعة في التمويل الإسلامي.

·        رئيسا للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عام 2024.

مؤلفات علي القره داغي

ألف الشيخ أكثر من 30 كتابا مختصا في علوم الدين والفقه، منها:

·        التأمين التكافلي الإسلامي- دراسة فقهية تأصيلية مقارنة بالتأمين التجاري.

·        التورق المصرفي.

·        الأزمة المالية العالمية- دراسة أسبابها وآثارها ومستقبل الرأسمالية بعدها.

·        حقيبة طالب العلم في الاقتصاد الإسلامي والمعاملات المالية الإسلامية (12 مجلدا).

·        نحن والآخر دراسة فقهية تأصيلية لبيان علاقة المسلم بغيره.

·        المدخل إلى الاقتصاد الإسلامي.

·        فقه القضايا الطبية المعاصرة.

 

بالإضافة إلى أكثر من 100 بحث معظمها في المعاملات المالية الإسلامية، والمصارف والاقتصاد، والفقه الإسلامي، وفي تحقيق الكتب التراثية، والفكر الإسلامي.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع