يعد زهير من المعمرين في ذلك الزمان فقد تجاوز عمره عند وفاته الثمانين عام، قضاها حكيمًا نبيلًا بسيطًا، ومبدعًا.
- شاعرٌ عربي من ذوي الرتب والثروة، يعد من أعظم وأشهر شعراء العصر الجاهلي، وأحد الشعراء السبعة الذين كرموا بتعليق نسخ من أعمالهم في الكعبة المشرفة بمكة المكرمة.
بدايات زهير بن أبي سلمى
- هو زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من قبيلة مزينة، ولد في الحاجر عام 520 من أرض نجد حول المدينة المنورة ثم ارتحل مع أهله عنها إلى أرض غضفان ونشأ فيها، له أختان وهما: سلمى والخنساء.
- سرعان ما توفي والده تاركًا إياه يتيم الأب إلى أن تزوجت أمه من أوس بن حجر الذي كان يُعتبر من أفضل الشعراء في العصر الجاهلي، فقام بتعليمه أصول الشعر وحفظه أشعاره إلى أن استطاع أن ينظم قصائده ببصمته الخاصة.
- إضافة لزوج أمه اتخذه خاله بشامة بن الغدير ابنًا له، وأورثه المال والأخلاق والشعر بالطبع، فصقلت موهبة زهير كشاعرٍ جاهليٍ يتقن المدح والذم والرثاء وغيرها إلى جانب بحور الشعر الواسعة، متفوقًا على أساتذته.
إنجازات زهير بن أبي سلمى
- بسبب نشأة زهير في بيت عريق محبٍ للشعر، نصب نفسه شاعرًا قاضيًا وحكيمًا، فوضع على عاتقه مهمة إصلاح المجتمع عبر ما سبق، فله ديوان شعر أنكب على دراسته وتحليله المستشرقون والمؤرخون غربًا وشرقًا، أبرزهم "الأعلم الشنتمري" والمستشرق "لندبرغ".
- يدور ديوان أبا سلمى حول كواكب من العاطفة: رثاء، ذم، مدح، فخر، شوق، وغيرها، وتطغى الحكمة والنبالة أبيات قصائده فتعكس رجاحة العقل لدى هذا الشاعر الجاهلي، الذي عاش طويلًا مكرمًا، على عكس أقرانه من نوابغ الشعر الجاهلي الآخرين "أمرؤ القيس" و"طرفة بن العبد" الشاعران الطائشان اللذان ماتا في ريعان الشباب، حيث صنف الثلاثة كأهم شعراء الجاهلية لدى العرب.
- كان زهير يبدأ بالقصيدة فينظمها خلال شهر، ثم يهذبها في عام (أي حول من الزمن)، وهو ما ميز قصائده عن غيرها وأطلق عليها اسم "الحوليات"، وكان أهم ما قدمه من قصائد:
- إن الخليط أجد البين، لمن الدار غشيتها بالفدفد، رأيت بني آل أمرؤ القيس أصفقوا، لسلمى بشرقي الفنان منازل، وغيرها.
- أما عن معلقته (أمن أم أوفى) فإن زهير يعد أحد أهم شعراء المعلقات التي امتاز بها العصر الجاهلي، أمثال عنترة بن شداد وأمرؤ القيس وغيرهم.
- تميز شعر زهير بالأغراض الشعرية المتنوعة كالمدح، فقد قام بمدح سيدين من أسياد العرب إثر إصلاحهما بين قبيلتي عبس وذبيان، ودحر العداء بينهما، فقد كان أبي سلمى محبًا للسلام، كارهًا للحرب وأهوالها.
- كما تغنى بوصف الصحراء، الأطلال، رحيل الأحبة، الخيول، الصيد، وغيرها، وصفًا دقيقًا نبع من طول تأمل وحس مرهف، فهو شاعرٌ بدويٌ عرف عن شعبه بأنه كثير الترحال، أما الرثاء فهو أحد الأغراض الشعرية التي استخدمها زهير لرثاء سيده "هرم بن سنان".
- بالرغم من حضور العاطفة بشكل واضح في قصائده إلا أنها لم تكن سمًة رئيسية، فهو يحدث العقل قبل القلب في قالب من العاطفة العقلية الناجمة عن النضج الفكري لهذا الشاعر، دون فلسفة أو تعقيد فقد يعد البعض بأن البساطة أحد سمات شعره الأساسية، فهو في النهاية شاعرٌ جاهلي يخاطب مجتمعه الجاهلي بعبارات بسيطة قابلة للفهم السريع.
- تظهر سمة أخرى لشعر زهير وهي أسلوبه التعليمي الذي يتضمن الوضوح الفكري، كثرة الحكم، الرصانة، ومكارم الأخلاق، لذا من الطبيعي له أن يحتل مكانة حكماء شعراء الجاهلية وأعظمهم، فمدح من قبل أكثر الناس شأنًا، ووصف بأنه يأخذ من الكلام ما هو خيره ويترك لبقية الشعراء فضلات الكلام.
وفاة زهير بن أبي سلمى
- يعد زهير من المعمرين في ذلك الزمان فقد تجاوز عمره عند وفاته الثمانين عام، قضاها حكيمًا نبيلًا بسيطًا، ومبدعًا.
- رأى قبيل وفاته في المنام أن هناك من أتاه وصعد به إلى السماء، فلما كاد أن يلمسها هبط إلى الأرض، فلما صار على فراش الموت قص المنام على أولاده مفسرًا إياه بأن رسولًا من السماء سيأتي وأوصى أولاده بأن يتبعوه وأن يؤمنوا بما سيأتي به، فلما أتي النبي محمد أسلم أبناؤه،
- تتنوع التواريخ عن وفاته فمنها ما يدعم 607 أي أنه توفي بعمر 87 عامًا، ومنها ما يرى بأنه توفي بعد ذلك عن عمر تجاوز التسعين بدليل أنه ذكر في أحد قصائده: ومن يعش ثمانين حولًا أما بالك يسأم، أي أنه تجاوز عقده الثامن.