بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم

التفاتة قرآنية

القرآن الكريم منذ اللحظة التي نزل فيها نزل مقرونا بسم الله سبحانه وتعالى، لذلك حينما نتلوه فإننا نبدأ نفس البداية التي أرادها الله وهي أن تكون البداية بسم الله.

وأول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت {اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ}. وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون.. هي بسم الله. ونحن الآن حينما نقرأ القرآن نبدأ نفس البداية.

لكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله؟.

إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله، لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه، فحين نزرع الأرض مثلا لابد أن نبدأ بسم الله، لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها، ولا خلقنا البذرة التي نبذرها، ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع.

الإنسان لا قدرة له على إرغام الأرض لتعطيه الثمار، ولا قدرة له على خلق الحبة لتنمو وتصبح شجرة، ولا سلطان له على إنزال الماء من السماء، فكأنه حين يبدأ العمل باسم الله، يبدأه باسم الله الذي سخر له الأرض وسخر له الحب، وسخر له الماء، وكلها لا قدرة له عليها، ولا تدخل في طاقته ولا في استطاعته، فكأنه يعلن أنه يدخل على هذه الأشياء جميعا باسم من سخرها له.

وكما أن الله سبحانه وتعالى قادر على ان يجعل القوانين تفعل او لا تفعل، فهو قادر على ان يخرق القوانين، مثلا قصة زكريا عليه السلام، كان يكفل مريم ويأتيها بكل ما تحتاج إليه، ودخل عليها ليجد عندها ما لم يحضره لها.

وسألها وهي القديسة العابدة الملازمة لمحرابها: {قَالَ يامريم أنى لَكِ هذا}،

بماذا ردت مريم عليها السلام؟ {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ الله إِنَّ الله يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، اذن فطلاقة قدرة الله لا يحكمها قانون، لقد لفتت مريم زكريا عليهما السلام إلى طلاقة القدرة، فدعا زكريا ربه في قضية لا تنفع فيها الا طلاقة القدرة، فهو رجل عجوز وامرأته عجوز وعاقر ويريد ولدا، هذه قضية ضد قوانين الكون لأن الانجاب لا يتم الا وقت الشباب، فإذا كبر الرجل وكبرت المرأة لا ينجبان، فما بالك إذا كانت الزوجة أساسا عاقرا لم تنجب وهي شابة وزوجها شاب، فكيف تنجب وهي عجوز وزوجها عجوز، هذه مسألة ضد القوانين التي تحكم البشر، ولكن الله وحده القادر على أن يأتي بالقانون وضده، ولذلك شاء أن يرزق زكريا بالولد فكان ورزق زكريا بابنه يحيى.

إذن كل شيء في هذا الكون باسم الله، يتم باسم الله وبإذن من الله، الكون تحكمه الأسباب نعم ولكن ارادة الله فوق كل الأسباب. المصدر تفسير الشعراوي

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع