يكون التقرّب إلى الله -تعالى- باتّباع أوامره واجتناب نواهيه
طرق التقرّب من الله
يكون التقرّب إلى الله -تعالى- باتّباع أوامره واجتناب نواهيه، ومن أعظم ما يتقرب به الإنسان إلى خالقه -سبحانه وتعالى- توحيده وعدم الإشراك به، ثُمّ القيام بالفرائض والواجبات، والبُعد عن المُحرّمات، ثُمّ القيام بالنوافل والمُحافظة عليها؛ فالمُحرّمات تجعل من قلب الإنسان قاسياً ولا يشعر بلذّة الطاعة وآثارها على نفسه، قال -تعالى-: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، وبالتوبة والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة تزول هذه القساوة من القلب وتجعله يذوق حلاوة الإيمان.
وسائل التقّرب من الله
التقرب إلى الله بالفرائض
بيّن الله -تعالى- في الحديث القُدسي أن أعظم ما يُتقرّب به إليه القيام بالفرائض وهي التي الزم الله -تعالى- بها عباده، بقوله في الحديث القدسيّ الذي رواه النبيّ -عليه السلام-: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)، ومن أهم الفرائض الصلاة في أوّل وقتها والمُحافظة عليها بركوعها وسجودها وخشوعها، وهي من أفضل الأعمال التي تُقرّب إلى الله -تعالى- بعد التوحيد؛ لأنّها أوّل ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، وهي عمود الإسلام، وأهمّ أوامر الدين، وقد جاءت الكثير من الأدلّة التي تُبيّن فضل المُحافظة عليها، كحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (خمسُ صلواتٍ افترضَهُنَّ اللَّهُ علَى عبادِهِ فمن جاءَ بِهِنَّ لم ينتقِصْ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحقِّهنَّ فإنَّ اللَّهَ جاعلٌ لَه يومَ القيامةِ عَهْدًا أن يُدْخِلَهُ الجنَّةَ ومن جاءَ بِهِنَّ قدِ انتقَصَ منهنَّ شيئًا استخفافًا بحقِّهنَّ لم يَكُن لَه عندَ اللَّهِ عَهْدٌ إن شاءَ عذَّبَهُ وإن شاءَ غفرَ لَهُ).
التقرب إلى الله بالنوافل
تُعرف النوافل بأنّها ما كان زائداً عن الفرائض؛ والواجبات من نفس العبادة، وهي من أبواب الخير التي تُقرّب العبد من خالقه، وقد قسّم العُلماء النوافل إلى عدّة أنواع، كالنوافل العمليّة وتكون بالقلب أو الجوارح، والنوافل القولية، والنوافل المالية، ومن النوافل العملية صيام التطوع، والصدقة، وقيام الليل، وقد ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك في الحديث؛ فقال لمعاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفيء الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجلُ من جوف الليل، قال: ثم تلا: { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم – حتى بلغ – يعملون }).
وتُعدّ نوافل الصلوات من أهمّ النوافل وأعظمها كقيام الليل، وأمّا النوافل القوليّة كقراءة القُرآن، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وذكر الله -تعالى- ودعائه، وأمّا النوافل الماليّة كالصدقة، وهي من وسائل القُرب من الله -تعالى- ومحبّته، لقوله -تعالى-: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (صنائعُ المعروفِ تَقي مصارعَ السوءِ والصدقةُ خُفيا تُطفِئُ غضبَ الربِّ، وصلةُ الرحِمِ زيادةٌ في العمُرِ، وكلُّ معروفٍ صدَقَةٌ).
التقرب إلى الله بالعلم النافع
يُعدّ العلم من الوسائل التي تُقرّب العبد من خالقه؛ لما فيه من تقويم للسلوك، وتهذيب للنفس، ويساعد على التخلُّص من الشرور بكافة أشكالها، وقد مدح الله -تعالى- العُلماء وأثنى عليهم، بقوله: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، لأنّهم أكثر الناس معرفةً به، وكُلّما كان الإنسان أكثر علماً كان أكثر خشية ورجاءً، وكان الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- يرتحلون مسافات البعيدة لطلب العلم، وقد ورد عن شعبة -رضي الله عنه- أنّه رحل شهراً كاملاً لطلب حديث سمعه من طريقٍ لم يمرّ عليه.
التقرب إلى الله بالأخلاق الحسنة
تُعدّ الأخلاق الحسنة من الأعمال التي يُمكن اكتسابها وترتبط بقوّة الإيمان، وتجعل صاحبها يتمسّك بدين الله -تعالى-؛ ولذلك ينال صاحبها المنازل العالية عند الله -تعالى- وقد أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ صاحب الأخلاق من أفضل الناس، بقوله: (إنَّ مِن خِيَارِكُمْ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا)، لما فيه من الاعتدال واتّباع صفات الأنبياء، ويتحصّل الإنسان عليها إمّا بفطرته التي هي هبةٌ من الله -تعالى- أو من خلال اكتسابها؛ بحمل الإنسان نفسه على الأفعال الجالبة لها، وهُناك الكثير من الأخلاق الحسنة التي يُمكن للمُسلم الاتّصاف بها كالنُصح للمُسلمين، وكظم الغضب، والصبر، والصدق في الأفعال والأقوال، والأخوّة في الله -تعالى-، والتعاون على الإحسان والتقوى، والرحمة إلى الناس، وقضاء حوائجهم، والإصلاح بينهم، وردّ السلام عليهم، والتواضع لهم، والرفق بهم، والتبسّم في وجوههم، والإحسان إلى اليتامى ومُلاطفتهم، وقد سُئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن أكثر الأعمال التي تُدخل الجنّة، فأجاب: (تقوَى اللهِ ، وحُسْنُ الخُلُقِ).