مفاهيم وقيم إسلامية
-ينظر الإسلام للتنمية البشرية على أنها الحياة
الطيبة، فهو لا ينظر لصنع الثروة بقدر ما ينظر إلى صانع تلك الثروة وهو الإنسان، المخلوق
الذي له القدرة على صنع الثروة وهو أكرم مخلوق، ومن أجله سخر له الله تعالى الكون
خادماً لا مستخدماً فقال تعالى في القرآن: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ
وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً).
-وتنبعث الرؤية التنموية في الإسلام من الموازنة بين
التنمية الروحية والمادية، ومن مركزية قضية الاستخلاف في العلاقة بين الإنسان
والكون ومالكهما رب العالمين، وهو يُعلي من شأن النفس الإنسانية، ويضعها موضع
التكريم اللائق بها، والذي يُمَكِّنها من أداء دورها في تعمير الكون وتحقيق
العبودية الخالصة لخالق هذا الكون وحده.
- تهدف التنمية في الإسلام إلى تحقيق الأمن المادي
من الجوع والأمن المعنوي من الخوف؛ (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3}
الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4})، فالإسلام يريد من
خلال عملية التنمية توفير الحياة الطيبة الكريمة لكل إنسان؛ (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً
مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {97})، حياة
تسمو بالروح والجسد، ويسودها روح الإخاء والتكافل والمودة والرحمة، وترفرف عليها
مظلة الأمن والعدل والحرية والمساواة، وتخلو من شبح الجوع والخوف والكراهية
والبغضاء والأثرة، وتراعي العدالة في توزيع الدخول والثروة حتى لا يكون المال دولة
بين الأغنياء وحدهم.
-الموارد البشرية في الإسلام تقوم على التخطيط وحسن التدبير، وذلك
يقتضي دراسة الواقع الذي يعيشه الفرد والمجتمعات وتحليله بايجابياته وسلبياته،
ووضع الحلول لمعالجة المشكلات ودراسة التوقعات المستقبلية بالمقاييس العلمية
واقتراح الرؤى لذلك، والإعداد الجيد للبرامج والخطط المستقبلية، وقد أمر الله
سبحانه وتعالى بالإعداد في قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم منْ
قُوَّةٍ وَمِن ربَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا
تُنْفِقُوا مِن شَيْء فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا
تُظْلَمُون)، كما حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على التخطيط المستقبلي حيث قال: (إنك
إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) رواه مسلم.
-تعتبر المسؤولية إحدى الأسس التي تقوم عليها تنمية
الموارد البشرية في الإسلام، وإذا كانت مسؤولية الفرد تتطلب منه أن يطور مهاراته
ويجدد علمه، فإن مسؤولية الدولة تدعوها أن تولي الموارد البشرية أهمية خاصة بحيث
توفر لهم سبل التنمية والتطوير والإبداع، فعلى المستوى الفردي تؤكد الآيات الكريمة
أهمية المسؤولية الفردية فقد قال تعالى {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا
سَعَى}، وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الغفلة عن المسؤولية الفردية فقال:
(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل،
وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه) سنن الترمذي.
-العمل هو المحور الذي تدور عليه عملية تنمية
الموارد البشرية في الإسلام، إذ أن الإنسان الذي يؤدي العمل يحتاج إلى كفاءة مهنية
وعقلية تربوية تؤهله للقيام بدوره في المهام والوظائف العملية، ولذا اهتم الإسلام
بالعمل وحث عليه سواء كان عملا تعبديا أو مهنيا ورفع من قيمة العمل، فقال تعالى: (إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ
أَحْسَنَ عَمَلا)، وقال: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، وحث النبي -صلى الله
عليه وسلم- على العمل فقال: (ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل
على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة) صحيح ابن ماجه.