من أسباب الاختلاف؛ التشدد والتعمق في الدين واعتقاد ما لم يرد في القرآن والسنة
﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ الانعام
ينهانا الله عز وجل عن التفرق والاختلاف، ويأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، ومن أسباب الاختلاف: التشدد والتعمق في الدين واعتقاد ما لم يرد في القرآن والسنة، والعصبيات الجاهلية، والتساهل في محاربة البدع، وترك الأمور بالمعروف والنهي عن المنكر، والخلل في منهج تلقي الدرس.
قد يسأل سائل فيقول: إن المسلمين اليوم متفرقون، فما هي أسباب هذا الافتراق؟
والجواب، كما وضح الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل في رسالته عن الافتراق وأسبابه:
السبب الأول: كيد الكائدين، بأصنافهم من أهل الديانات، كاليهود والنصارى والصابئة والمجوس والدهريين.
السبب الثاني: رءوس أهل الأهواء، الذين يجدون مصالح شخصية أو شعوبية في الافتراق، وكذلك أتباعهم من الغوغائية.
السبب الثالث: الجهل، وذلك بعدم التفقه في الدين عقيدة وشريعة، والجهل بالسنة أصولها وقواعدها.
السبب الرابع: الخلل في منهج تلقي الدين، وذلك بأخذه من بطون الكتب دون الاهتداء بالأئمة العدول الثقات وطلاب العلم الموثوق بهم وبعلمهم.
السبب الخامس: اعتبار اتباع الأئمة على هدىً وبصيرة تقليداً، ويفضي ذلك بصاحبه إلى التتلمذ على مجرد الرسائل، فيكتفي بأخذ العلم عن الكتب، وينطوي وينعزل عن الناس.
السبب السادس: التقصير في فهم فقه الخلاف: ما يسوغ وما لا يسوغ الخلاف فيه، ومتى يعذر المخالف ومتى لا يعذر، ومتى نطلق عليه وصف الكفر والفسوق ومتى لا نطلق.
السبب السابع: التشدد والتعمق في الدين.
السبب الثامن: اعتقاد ما لم يرد في القرآن والسنة، أو التعبد بما لم يشرع الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم اعتقاداً أو قولاً أو عملاً.
السبب التاسع: العصبيات بشتى أصنافها، سواءً كانت مذهبية أو عرقية أو شعوبية أو قبلية أو حزبية، أو غيرها.
السبب العاشر: تأثر بعض المسلمين بالأفكار والفلسفات الوافدة من بلاد الكفار على المسلمين، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن).
السبب الحادي عشر: دعاوى التجديد في الدين التي لا خطام لها ولا زمام، والتي تريد تقويض الدين من أساسه.
السبب الثاني عشر: التساهل في مقاومة ومحاربة مظاهر البدع في المسلمين، حتى تنمو وتزيد وتكثر.
السبب الثالث عشر: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومناصحة أولي الأمر وذي الشأن في الأمة.
واعلموا بأن الله عز وجل قد سمانا المسلمين، وهو أشرف الأسماء وأفضلها، واعلموا بأن الإنسان إذا مات ووضع في قبره وتولى عنه مشيعوه، فإنه يأتيه ملكان فينتهرانه ويجلسانه ويسألانه: من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في الرجل الذي بعث فيكم؟ فهذه أسئلة ثلاثة، ولن يسأل: ما حزبك؟ ما جماعتك؟ ما طريقتك؟ ما جنسك؟ ما شعبك؟ فهذا كله ولن يسأل عنه العبد في قبره.
المصدر: تفسير الشيخ عبدالحي يوسف