تقوى الله وحسن الخلق

تقوى الله وحسن الخلق

جاءت الكثير من الأدلة التي تبيّن عِظم صفتي التقوى وحُسن الخُلق، وأهميتُهما في حياة المُسلم

أهمية تقوى الله وحسن الخلق

- جاءت الكثير من الأدلة التي تبيّن عِظم صفتي التقوى وحُسن الخُلق، وأهميتُهما في حياة المُسلم، فقد جاء عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنهما من أكثر ما يُدخلان الجنة، حيث قال: (سُئِلَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: ما أكثرُ ما يُدخلُ الناسَ الجنةَ؟ قال: تقوَى اللهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ)، ويتحصّل المُسلم على التقوى بإتيانه للطاعات، واجتنابه للمعاصي، وأمّا حُسن الخُلق؛ فيكون بالاتصاف بالصفات التي تجلب المحبّة والمودة بين المُسلمين، وقد كان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يدعو الله أن يُحِّسن خُلقه، فالتقوى تكون بفعل ما أمر الله، واجتناب ما نهى عنه، وأمّا حُسن الخُلق فيكون بالقول والفعل.

- والتقوى لغة من الوقاية؛ وهي أن يتخذ الإنسان ما يقيه من عذاب الله، ولا شيء يقي من عذاب الله إلا فعل الأوامر واجتناب النواهي، والخُلق: هو العادة والمروءة، وقد جاءت الأحاديث بمدح صاحب الأخلاق الحسنة، وذم صاحب الأخلاق السيئة والقبيحة، وقد جاء عن بعض الصحابة أن حُسن الخُلق هو الكرم، والبذل، واحتمال الناس، وقال ابن المُبارك: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى، وجاء عن الإمام أحمد أنه عدم الغضب والحقد.

- ولما سُئل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن أكمل الناس إيماناً، أجاب: (أحسنُهم خُلقاً)، والعلاقة بين التقوى وحسن الخلق علاقة تلازم وتكامل، حيثُ إن التقوى تصل بالمُسلم إلى استكمال شرائع الإسلام، وحُسن خُلقه يكون بامتثاله لمحاسن العبادات والعادات، وجميع الأعمال التي تُدخل الجنة أو تُقرب منها لا تخلو منهُما، وقد جاء عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- قوله: (ألا أُخبركم بأحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسًا يومَ القيامةِ؟ فأعادها مرتَين أو ثلاثًا، قالوا: نعم يا رسولَ اللهِ! قال: أحسنُكم خُلُقًا)، بالإضافة إلى أن المُسلم يُدرك بُحسن خُلقه درجة الصائم والمُصلي.

- وكان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- يوصي صحابته بالتقوى في السر والعلن، ومُعاملة الآخرين بالخُلق الحسن، كما أنها وصية الله لعباده، قال -سبحانه-: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)، ومعنى اتقوا الله؛ أي اتقوا سخطه وغضبه، فهو أهلٌ للتقوى، وأهلٌ لأن يُخشى ويُخاف منه، فعلى عباده أن يُعظّموه في صُدورهم ويُطيعوه؛ لاتصافه بصفات الجلال والعظمة، وقد يدخُل في التقوى كذلك فعل المندوبات وترك المكروهات، وهي أعلى درجات التقوى، حتى يصل بالعبد أن يتقي ربه في الأشياء البسيطة والتي تكون كمثقال الذرة، وجاء عن الحسن أن التقوى لا تزال بالمُتقي حتى يترك بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام، والتقوى وحُسن الخُلق من أحب الأعمال إلى الله -تعالى-.

سبب الجمع بين تقوى الله وحسن الخلق

- جمع النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بين التقوى وحُسن الخُلق في الحديث؛ لأن التقوى صلاح ما بين العبد وربه، وحُسن الخُلق صلاحٌ ما بين العبد والخلق، فالتقوى تكون بحُسن المُعاملة مع الخالق؛ بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، وحُسن الخُلق يكون بِحُسن المُعاملة مع الخلق، وجاء عن ابن القيم أن التقوى توجبُ محبة الله، وحُسن الخُلق يدعو الآخرين إلى محبته، فلا يكتمل الإيمان إلا بهما، وقال بعض السلف: حسن الخلق قسمان: أحدهما مع الله عز وجل؛ وهو أن يعلم المرء أن كل ما يكون منه يوجب عذرًا، وكل ما يأتيه من الله يوجب شكرًا، والثاني: حُسن الخُلق مع الناس، بفعل الخير لهم، وكف الأذى عنهم.

- وبالتقوى وحسن الخلق يتحصّل الإنسان على الصلاح بينه وبين الله وبينه وبين الناس، فأفضل ما يتعامل به العبد مع ربه هو التقوى، وأفضل ما يُتعامل به مع عباده هي الأخلاق، وتمّ الربط بينهما؛ لأن السُلوك الحسن نابعٌ من الإيمان الذي يظهر على صاحبه، فأحسن الناس خُلقاً هو أصدقهم إيماناً وأخلصهم نيةٍ، وليس من المعقول أن يكون المرء ذا خلق كريم مع الناس وهو يأكل حقوقهم ويعتدي عليهم، ويتجاوز حدود الواجب الأدبي الذي توصي به الآداب الاجتماعية الإسلامية، وكذلك على العكس تماماً، فصاحب الخُلق يكون قريباً من ربه، وذلك أن الإيمان هو الدافع إلى الأخلاق.

ثمرات تقوى الله وحسن الخلق

ثمرات تقوى الله

- إنّ لتقوى الله العديد من الثمرات العائدة على حياة المسلم،فالتقوى خير زادٍ للمسلم، ومن هذه الثمرات ما يأتي:

- انتفاعه بالقُرآن، والفوز بهدايته، والتوفيق من الله، بالإضافة إلى معيّة ومحبة ورحمة الله له وتأييده، والمكانة العالية له يوم القيامة، والفوز بالجنة والدرجات العالية فيها، والتقوى سببٌ للبعد عن النار.

- الأمان وعدم الخوف من الأعداء وكيدهم، بالإضافة إلى إنزال الله المدد والبركات من السماء للمتّقين، وقبول أعمالهم، ونيلهم الفلاح، وبُعدهم عن الضلال ومكايد الشيطان.

- استشعار مُراقبة الله في السر والعلن، والافتقار إليه، وترك معاصيه، وكثرة ذكره، بالإضافة إلى تربية الأبناء على الأخلاق الكريمة، وتطهير البيوت من المُحرمات، والإحسان إلى الآخرين، وحفظ المُجتمع وأفراده، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر.

- قمع الشهوات، واجتناب الحسد والحقد، والتحرُّر من القلق والاضطراب.

ثمرات حسن الخلق

- إنّ لِحُسن الخُلق العديد من الفضائل والآثار والثمرات، من أهمها ما يأتي:

- الفوز بالجنة والدرجات العالية فيها، ونيل الحسنات الكثيرة، كما أنه ميزان التفاضل بين المؤمنين والقُرب من النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في الجنة، وبها ينال العبد محبة الله.

- البُعد عن عوامل الفُرقة، كما أنه سببٌ لتجمع المُسلمين وتوحيد كلمتهم.

- نيل أعلى درجات الإيمان، والإعانة في سبيل الدعوة إلى الله، وهو طريقٌ لجذب الناس إلى الإسلام، وصلاح الأُمّة وهدايتها.

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع