لا يترتّب إثم على ترك صلاة الشروق، ولا يجب عليه قضاؤها
- تعدّ الصلاة من أعظم العبادات التي تصل المسلم بربّه عزّ وجلّ، ومن هنا كان للصلاة شأنٌ ومكانة خاصة في التشريع الإسلامي، فقد جاءت كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بالحثّ عليها، وبيان فضلها، وتحذّر من تركها أو التّفريط في أدائها، والمصلي بصلاته يقدّم الدليل على حسنِ امتثاله لأمر الله تعالى، وإقباله عليه، والمسلم يجد لذّة قلبه بمناجاة مولاه سبحانه؛ إذ يقبل على أدائها بخشوع وخضوع، والصلاة التي يريدها المولى من عباده تلك التي تترك أثرها في حياتهم وسلوكهم، قال الله سبحانه: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)، والمسلم في إقباله على الله -عزّ وجلّ- يحرص على أنْ يخرج من حدود الصلوات المفروضة إلى رحاب صلوات النوافل والسّنن الرواتب وغيرها، ومن فضل الله -عزّ وجلّ- على عباده أنْ وسّع لهم باب الطاعات في الصلوات؛ فتعدّدت أسماؤها ومناسباتها، ومن ذلك ما يندرج عند العلماء باسم صلاة الشروق، فما هي صلاة الشروق، وما فضلها وأحكامها؟
أحكام صلاة الشروق وفضلها
- إنّ بيان المفهوم الشرعيّ لصلاة الشّروق يعطي تصوّراً في ذهن المسلم عن وقتها وطبيعتها، وقد بيّن العلماء ذلك، وفصّلوا في أحكامها وعلاقتها بصلاة الضحى، وبيان ذلك فيما يأتي:
- المفهوم الشرعي لصلاة الشروق: هي صلاة من صلوات النوافل، يصلّيها المسلم حين ارتفاع الشمس في السماء قدر رمح، وأقلّ عدد ركعاتها ركعتان، وأكثرها ثمان ركعات، وعند بعض العلماء انثتا عشرة ركعة.
- تسمّى صلاة الشروق بصلاة الضحى أيضاً، لكنّ بعض أهل العلم حدّدوا الفارق بين التسميتين؛ فقالوا: إذا صلّاها المسلم بعد شروق الشمس سُمّيت بصلاة الشروق، أمّا إذا صلّاها بعد ذلك سميت صلاة الضحى.
- يقرأ المسلم فيها بعد كلّ ركعة بسورة الفاتحة، وما تيسّر من القرآن الكريم، حيث إنّه لم يرد بشأن القرآءة فيها سور أو آيات مخصوصة.
- جاء في فضل صلاة الشّروق أجراً عظيماً، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من صلى الفجرَ في جماعةٍ ثم قعدَ يذكُرُ اللهَ حتى تطلُعُ الشمسُ ثم صلى ركعتين كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعمرةٍ).
- خصّ بعض أهل العلم الفضل الوارد في الحديث السابق بمنْ صلّى صلاة الفجر مع جماعة المسلمين في المسجد.
- الأولى للمسلم أنْ يظلّ في مجلسه بعد انقضاء صلاة الفجر محافظاً على الذكر؛ لأجل تحصيل الثواب المترتّب على صلاة الشروق، التي هي أول وقت صلاة الضحى، ولكنّ بعض أهل العلم ذهبوا إلى تحقّق الأجر الوارد في الحديث لمن انصرف إلى بيته شريطة أنْ يبقى محافظاً على الذكر.
- إذا احتاج المسلم إلى قضاء حاجته -مثلاً- أثناء انتظاره لوقت صلاة الشروق، فإنّه يرجو تحصيل أجر الحجّة والعمرة كما بيّن النبي عليه الصلاة والسلام، إذ إنّ بعض العلماء قاسوا ذلك على المسافر والمريض الذي يحصل له أجر ما كان يعمل من الصالحات بحال إقامته وعافية بدنه، وفي هذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا مرضَ العبدُ، أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ مُقيماً صحيحاً).
- لا يترتّب إثم على ترك صلاة الشروق، ولا يجب عليه قضاؤها؛ لأنّها من عموم الصلوات المسنونة التي شرعها الإسلام، لا على وجه الوجوب، وينبغي للمسلم الالتزام بها، ولكنّ المفرّط فيها قد فاته ثواب عظيم، وأخرج نفسه من المنافسة في القربات والطاعات.