يُعرف المطر الحمضيّ بشكلٍ عامٍ على أنّه أي شكلٍ من أشكال التّرسب الذي يحوي نسبًا مرتفعةً من أحماض الكبريت والنيتريك.
ـ تواجه البشرية مع بداية الألفية الجديدة العديد من التحديات مثل تحقيق الأمن الغذائي العالمي، وتخفيض معدل الزيادة السكانيّة، وقضايا البيئة العالمية من مكافحة التلوث والاحتباس الحراريّ وغيرها الكثير من المواضيع الشائكة. موضوع مقالنا هنا هو بحث عن الأمطار الحمضية وكلّ ما يتعلّق بها.
تعريف الأمطار الحمضية
ـ يُعرف المطر الحمضيّ بشكلٍ عامٍ على أنّه أي شكلٍ من أشكال التّرسب الذي يحوي نسبًا مرتفعةً من أحماض الكبريت والنيتريك، التي تُسبب خفض قيمة الأساس الهيدروجيني (ph) إلى قيمٍ حامضيةٍ، ولا يعني بالضرورة حدوث هطولٍ مطريٍ ذي قيمة أساسٍ هيدروجينيٍ منخفضٍ فحسب، إنما يمكن أن يتساقط على شكل رطوبةٍ كالمطر والثلوج والضباب أو حتى ترسّب ذرات الغبار الحمضي أيضًا.
أسباب الأمطار الحمضية
ـ ينتج المطر الحمضي عن تفاعل ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وأكاسيد النيتروجين (NOX) في الغلاف الجوي مع الماء والأكسجين والمواد الكيميائية الأخرى لتكوين أحماض الكبريتيك والنتريك، والتي تختلط بدورها مع الماء والمواد الأخرى قبل أن تترسب إلى الأرض.
ـ ينجم جزءٌ صغيرٌ من ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين من مصادر طبيعيةٍ مثل البراكين، لكن تنجم أغلب كمياته من الأنشطة البشرية مثل:
ـ حرق الوقود الأحفوريّ لتوليد الكهرباء، حيث ينجم ثلثا ثاني أكسيد الكبريت وربع أكاسيد النيتروجين في الغلاف الجوي من محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالوقود الأحفوري.
ـ المركبات والمعدات الثقيلة التي تعمل أغلبها بالوقود الأحفوري.
ـ التصنيع ومصافي النفط والصناعات الأخرى.
أشكال الأمطار الحمضية
ـ ذكرت سابقًا أن المطر الحمضي ليس بالضرورة مطرًا إنما هو عبارةٌ عن ترسباتٍ مختلفةٍ وبحسب درجة الرطوبة تُقسم إلى قسمين:
الترسيب الرطب
ـ هو الشكل النموذجيّ المُتخيل في أذهاننا، حيث تسقط أحماض الكبريتيك والنتريك المُتكونة في الغلاف الجويّ على الأرض ممزوجةً بالمطر أو الثلج أو الضباب أو حبات البرد.
الترسيب الجاف
ـ في حالة عدم وجود الرطوبة الكافية في الغلاف الجويّ، يُمكن أيضًا أن تترسب الجسيمات والغازات الحمضية من الغلاف الجوي كترسيبٍ جافٍ، وعندما تهطل الأمطار فوق التّرسبات الحمضيّة المُتراكمة تقوم بغسلها وتتدفق هذه المياه الحمضيّة فوق الأرض وعبرها.
سلبيات الأمطار الحمضية
التأثيرات على الأسماك
ـ ترفع الترسبات الحمضيّة من درجة حموضة المُسطحات والمجاري المائيّة، فتؤثر على نموّ وتكاثر الأسماك بشكلٍ مباشرٍ، وهذا ما حصل في بعض الدول الاسكندنافية حيث اختفى سمك السلمون الأطلسي كنتيجةٍ لارتفاع درجة حموضة البحيرات فيها، وأيضًا في اليابان نوعٌ من السلمون، يُسمى سلمون الكوكانيز حساسةٌ جدًا للحموضة في الماء إذ تتوقف عن وضع البيض عند أدنى انخفاضٍ في درجة الحموضة.
التأثيرات على الكائنات الحية بخلاف الأسماك
ـ تؤثر حموضة المياه على النباتات المائية والطحالب والعوالق والمحار وبعض القشريات التي تعتبر مصدرًا رئيسيًا لغذاء العديد من الأسماك، في حين تكون البكتريا والفطريات أقل تأثرًا بالحموضة.
التأثيرات على الغابات
ـ يؤثر ترسّب الأحماض على التربة والمياه ومختلف الكائنات الحية والنباتات أيضًا، على سبيل المثال، لُوحظ موت العديد من الغابات في المناطق الحدوديّة بين ألمانيا وبولندا والتشيك، بسبب العمليات الصناعية التي أدت إلى انبعاثاتٍ كبيرةٍ من ثاني أكسيد الكبريت.
ـ ينبعث ثاني أكسيد الكبريت من عملية تكرير بعض المعادن مثل النحاس والنيكل التي تحتوي على مستوياتٍ عاليةٍ من الكبريت، يُمكنك أن تُلاحظ عشرات الكيلومترات من الغابات الميتة حول مصانع تكرير المعادن في شبه جزيرة كورا في الجزء الغربي من روسيا.
ـ تشمل التأثيرات غير المباشرة للترسّب الحمضي الضرر المتزايد ببعض الفطور التي تنمو في البيئات الحامضية، وتغزو جذور النباتات مسببةً ذبولها وموتها.
التاثير على المباني
ـ تُذيب الأمطار الحمضية الكالسيوم في المواد الخرسانية، والأرضيات والمنحوتات الرخاميّة، وحتى الأسطح والمنحوتات النحاسية. ما يُسبب تآكلًا في بنية الأبنية، وتشوّه التماثيل والمنحوتات التي تُوضع في المناطق العامة.
أماكن حصول الأمطار الحمضية
ـ تُقاس الحموضة من خلال جمع عيناتٍ من الأمطار والترسبات وقياس درجة الحموضة فيها. لُوحظ أن تركّز التّرسبات الحمضية غالبًا ما يكون بالقرب من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والغنيّة بمعامل الصناعات الثقيلة، ففي الولايات المتحدة الامريكية، تقع المناطق ذات الحموضة الأكبر في الشمال الشرقي، كنتيجةٍ للعدد الكبير من المدن، والكثافة السكانية، وتركيز الطاقة والمنشآت الصناعيّة في الشمال الشرقي للبلاد.
التخلص من الأمطار الحمضية
ـ الطريقة الوحيدة لمكافحة المطر الحمضيّ هي بالحدّ من إطلاق الملوثات التي تُسببه، وهذا يعني بالضرورة التخفيف من حرق الوقود الأحفوري ووضع معايير ونسبٍ لأكاسيد الكبريت والنيتروجين المسموحة في الهواء، وهذا ما طُبق فعلًا في الولايات المتحدة، من خلال سنّ قانون الهواء النظيف لعام 1990، وضع هذا القانون حدودًا للتلوث وساعد في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بنسبة 88%، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين بنسبة 50% بين عامي 1990 و2017.
ـ ظهر تأثير هذا الانخفاض جليًّا في تحسّن بعض مجموعات الأسماك وغابات التنوب الأحمر في نيو إنجلاند في الولايات المتحدة.