كانت الثورة الصناعية نقلةً نوعيةً للبشرية بمختلف أشكال حياتها
كانت الثورة الصناعية نقلةً نوعيةً للبشرية بمختلف أشكال حياتها، تحولت فيها المجتمعات الريفية القروية إلى مجتمعاتٍ صناعيةٍ أكثر تحضرًا، وكان ذلك بتسارعٍ كبيرٍ مقارنةً بتاريخ التطور البشري، ومازلنا حتى اليوم نتمتع بنتيجة تلك الثورة بالرغم من التطور الكبير الذي قدمته ثورة التكنولوجيا.
ما هي الثورة الصناعية
الثورة الصناعية هي فترةٌ زمنيةٌ تحولت فيها الصناعات من صناعاتٍ محليةٍ صغيرةٍ مقتصرةٍ على البيوت والدكاكين المحدودة إلى المعامل والمصانع ذات الإنتاجية العالية، مما أدى إلى تغييراتٍ كبيرةٍ في الإنتاج إلى جانب تغييراتٍ في قوانين العمل وقوانين الحفاظ على البيئة، وبالمختصر تحول الاقتصاد من اقتصاد الصناعات التقليدية إلى اقتصاد الآلات والابتكارات التكنولوجية.
بدايات الثورة الصناعية
بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا العظمى في أواخر القرن الثامن عشر، وكانت شرارة البداية لها في ابتكاراتٍ متعددةٍ في مجال النسيج؛ حيث انتقلت صناعة الملابس من المنازل إلى المصانع الكبيرة، وساعد بريطانيا في توليد الطاقة غناها بالحديد والفحم وكان له دورًا إيجابيًا واضحًا، حيث توفرت الطاقة الكافية لتشغيل الكثير من المعامل والآلات الضخمة.
انتقلت التطورات بعدها لتلامس قطاع الزراعة، حيث كانت الحاجة إلى المزيد من الطعام دافعًا قاد الكثير من التطورات في هذا المجال، وعن طريق بناء الآلات وتطبيق التقنيات الحديثة حينها ازدادت الكميات المنتجة من الطعام لتلبي حاجة الناس المتزايدة، ثم باستمرار العمل توفر فائضٌ من المنتجات الزراعية، مما سبب البطالة والفقر في المناطق الريفية والذي دفع سكان الريف للانتقال إلى المدينة لإيجاد فرص عملٍ جديدةٍ، وكان ذلك أحد أشهر مشاهد الثورة الصناعية ككلٍ.
مدة الثورة الصناعية
استمرت الثورة الصّناعية قرابة مئة عام، فبعد أن بدأت في بريطانيا في أواخر القرن الثامن عشر انتقلت إلى أوروبا وأميركا، وبشكلٍ عام يمكن تقسيم الثورة الصناعية إلى قسمين أساسيين:
الثورة الصناعية الأولى: كانت الموجة الأولى من الثورة الصناعية منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر، وشملت هذه المرحلة تطور قطاع النسيج وانتقاله من المنازل الصغيرة والورشات البسيطة إلى المعامل الكبيرة، وكانت قوة هذه المرحلة تعتمد على طاقة البخار وإنتاج القطن، وتركز العمل خلالها في بريطانيا بشكلٍ خاص حيث أدرك البريطانيون أهمية ما يقومون به ومنعوا تصدير الآلات والعمال المهرة وتقنيات التصنيع إلى الخارج، ولكن لم يلبث بعض رجال الأعمال هناك أن وجدوا فرصًا هامةً للعمل في الخارج مما أدى لانتقال الثّورة الصناعية إلى العالم.
الثورة الصناعية الثانية: كانت بداية الموجة الثانية من الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، وبدأت فيها المصانع والشركات الكبيرة بإنتاج المزيد من السلع المختلفة وبيعها بالجملة، ومن أشهر ميزات هذه الفترة هي استخدام الكهرباء وخطوط الإنتاج والعمل مع الفولاذ، ووصل التطور التقني في تلك الفترة إلى أتمتة خطوطِ إنتاجٍ كاملةٍ، الأمر الذي جذب الانتباه وتطور بشكلٍ كبيرٍ وصولًا إلى العمل الذاتي لمختلف الآلات.
لماذا بريطانيا؟
لم تكن بريطانيا المكان الوحيد في العالم الذي يحوي الفحم، وبالفعل، فقد طُرحت الكثير من الأسئلة حول سبب بدايتها في بريطانيا، وبمناقشة العوامل المتوفرة حينها اجتمع المؤرخون على وجود عدة أسبابٍ وتفسيراتٍ لبداية الثورة الصناعية في بريطانيا.
من تلك الأسباب:
* قلة الخشب وتوفر الفحم بكثرةٍ وسهولةٍ.
* الارستقراطية والحكم الملكي الذي يتمتع بالذكاء الإقتصادي.
* اعتماد نظام المشاريع الحرة بمشاركةٍ حكوميةٍ محدودةٍ.
* توفر الدعم الحكومي للمشاريع التجارية وتأمين حماية السفن التجارية.
* توفر القطن الرخيص الذي تستورده بريطانيا من أمريكا الشمالية ويعمل في صناعته العبيد.
* ساهم ارتفاع مستوى الوعي في حدوث الثورة الصناعية نتيجةَ تمتعِ الكثيرين بالقدرة على القراءة والكتابة.
* وجود قانونٍ ينص على حماية الأصول.
* وجود الكثير من المهاجرين ذوي القيمة من الهولنديون واليهود والهوغونوتيون والبروتستانت الفرنسيين.
* موقع بريطانيا على المحيط الأطلسي.
* وجود مستعمرات بريطانية في أمريكا الشمالية والتي وفرت الأرض والعمالة والأسواق.
توفر الفضة في الأمريكيتين.
* الأفكار الجديدة في بريطانيا حول الاقتصاد والتي شجعت روح المبادرة.