أحد فروع القانون الدولي المهتمة بضبط وقوننة النظام العام السائد في المحيطات والبحار.
ـ تستحوذ المسطحات المائية على ما نسبته 72% من إجمالي مساحة الكرة الأرضية؛ أي ما يساوي 140 مليون ميل مربع، ويشار إلى أن البشرية كانت تعتمد كثيرًا على المحيطات كمصدرٍ للطعام، في سطور التاريخ اعترافٌ وتثمينٌ لدور المسطحات المائية في تسيير الأنشطة التجارية والاكتشاف والمغامرة، ومع مرور الوقت أصبحت الحاجة مُلحةً لوجود قانون البحار والمحيطات لحمايتها وضبطها.
قانون البحار والمحيطات
ـ أحد فروع القانون الدولي المهتمة بضبط وقوننة النظام العام السائد في المحيطات والبحار، ويطلق عليه أيضًا تسمية دستور المحيطات، وقد جاء قانون البحار والمحيطات كمحاولةٍ دوليةٍ لسن التشريعات والقوانين الدولية ذات العلاقة بالمياه الإقليمية والبحرية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المبرمة في اليوم العاشر من شهر ديسمبر سنة 1982م، وتهتم مواد وبنود الاتفاقية بالممرات البحرية وموارد المحيطات، أما بدء التنفيذ رسميًّا فقد بدأ في عام 1994م على هامشِ المصادقة عليه من قِبل 60 دولةً معترف بها رسميًّا، ومع حلول مطلع القرن 21 ازداد عدد الدول المؤكدة على سريان وقانونية الاتفاقية ليصبح 150 دولةً.
ـ قانون البحار والمحيطات اتفاقيةٌ تعتبر بامتلاك كل دولةٍ لمياهٍ إقليميةٍ تمتد مسافتها لنحوِ 22 كيلو متر خارج سواحلها، ولها الحق الكامل في منع ومنح السفن الأجنبية حق العبور عبر مياهها الإقليمية، ويعتبر المرور قانونيًّا طالما لم ترصد أي ممارساتٍ محظورةٍ من السفن والبواخر العابرة للمياه الإقليمية كالتجسس والتلوث واختبار الأسلحة وصيد الأسماك وغيرها.
ـ كما أن الاتفاقية تمنح الدول الساحلية الحق الكامل في إقامة منطقةٍ اقتصاديةٍ متخصصة ضمن مياهها الإقليمية ولمسافةٍ تمتد إلى 370 كيلومترًا، كما يحق لمثل هذه الدول استغلال وفرة الثروة السمكية واستثمارها، بالإضافة إلى إقامة المنشآت الصناعية والجزر واستغلال موقعها الجغرافي للأغراض الاقتصادية المتعددة التي تعود بالنفع مثل توليد الطاقة من الأمواج وغيرها.
نشأة قانون البحار والمحيطات
ـ جاءت فكرة قانون البحار والمحيطات على هامشِ الصراعات المندلعة بين الدول الساحلية منذ القِدم، حيث كانت تحرص كل دولةٍ على توسيع نطاق سيطرتها لأكبر قدرٍ ممكن من البحار التي تشرف عليها سواحلها، ومع بلوغ أواخر القرن الثامن عشر كان من الشائع سيادة كل دولةٍ على مياه البحر إقليميًّا بواقعِ 3 أميالٍ؛ وقد رصدت هذه المسافة كحدٍ أقصى يمكن لقذيفة المدفع الوصول إليها.
ـ بعد أن حطت الحرب العالمية الثانية أوزارها؛ بدأت المجتمعات الدولية بالمطالبة رسميًّا من لجنة القانون الدولي المنبثقة عن الأمم المتحدة بضرورة سن قوانينَ وتشريعاتٍ مرتبطةٍ بالمحيطات، وباشرت اللجنة البحث في ذلك سنة 1949م؛ فجهزت أربعة مشاريعَ لاتفاقيات ذات علاقة، وقد تم اعتمادها رسميًّا في أعمال مؤتمر الأمم المتحدة الأول لقانون البحار.
مشاريع اتفاقيات قانون البحار والمحيطات
ـ مؤتمر الأمم المتحدة الأول لقانون البحار (UNCLOS I): اعتمدت الأمم المتحدة أربع اتفاقياتٍ ذات علاقةٍ بقانون البحار خلال فعاليات المؤتمر الأول المنعقد ما بين 24 شباط وحتى 29 نيسان سنة 1958، وأُدرِجت جميعها تحت مسمى اتفاقيات جنيف 1958، وتتضمن الاتفاقيات التالية؛ اتفاقية المياه الإقليمية والمناطق المجاورة، واتفاقية أعالي البحار، واتفاقية صيد الأسماك والحفاظ على الموارد الحية في أعالي البحار، واتفاقية الجرف القاري، وبالرغم من أهميتها الكبيرة إلا أنها بقيت عاجزة عن تحديد الحد الأقصى من اتساع المياه الإقليمية.
ـ مؤتمر الأمم المتحدة الثاني لقانون البحار (UNCLOS 2): تواصلت فعاليات هذا المؤتمر خلال الفترة ما بين 17 آذار وحتى 26 نيسان سنة 1960، وباءت محاولات الأعضاء بالفشل بالوصولِ إلى اتفاقياتٍ دوليةٍ، كما فشل المؤتمر أيضًا في مهمة توحيد الآراء بشأن مهمة سن حقوق الصيد السيادية.
ـ مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لقانون البحار (UNCLOS 111): عُقدت فعاليات المؤتمر الثالث في الفترة الزمنية ما بين 1973–1982م، وقد تطرق الاجتماع إلى عددٍ من القضايا المستخلصة من المؤتمرات السابقة، ووضعت هذه القضايا على طاولة النقاش أمام 160 دولة على مدار 9 سنواتٍ متواصلةٍ، وقد بدأ تنفيذ ما آل إليه هذا المؤتمر رسميًّا في 14 نوفمبر سنة 1994م، وجاء ذلك بعد انقضاء عام واحد على المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء؛ إلا أنه بعد 21 عامًا من عقد المؤتمر الثالث، وقد توصلت الاتفاقية إلى توضيح مفهوم المناطق البحرية، والمنطقة المتآخمة، والمياه الإقليمية، والجراف القاري، والمنطقة الاقتصادية الخاصة، ومنطقة قاع البحر الدولية، واتفاقيات مرور السفن، وحرية البحث العلمي، وحماية البيئة البحرية، واستغلال الموارد البحرية.