المرأة ومكانتها في الإسلام

المرأة ومكانتها في الإسلام

لقد اهتمّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالمرأة وقضاياها، وذلك واضح في كثيرٍ من الأحاديث النّبويّة الشريفة.

- كانت العرب في الجاهليّة تقلّل من قيمة النّساء وتحتقرهن، فكانت جزءً من متاع الرّجل ليس إلّا، وكانت تورَّثُ لابنها إن مات والده، ومن مظاهر ذلك أيضًا أنّهم كانوا إذا جاءتهم مولودةٌ أنثى دفنوها وهي حيّة، ليس لشيء إلّا أنّها أنثى، والعجيب أنّ النّساء كنَّ يقبلن بذلك، فكانت المرأة تجلس على حافّة حفرة حين ولادتها، فإن كان المولود ذكرًا أبقته حيًّا، وإن كانت أنثى ألقتها في الحفرة، وفي وسط هذه الظّلمة الدّامس آن سطوعُ الحقّ؛ فبُعثَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- محاربًا لهذه العادات المُجحفة في أبسط حقّ من حقوق المرأة، ومنحها حقّوقًا أوّلها حقّها في الحياة.

منحها الإسلام حقها الشرعي في الميراث

- لقد منّ الله -سبحانه وتعالى- على المرأة المسلمة بعد أم كانت قبلهُ متاعًا للرّجل، فجاء وأعطاها قدرها وحقوقها، وكان الميراث أحد أهمّ وأظهر الحقوق التي أعطاها الله المرأة في الإسلام، فصارت إن توفّي عنها صاحب ثروةٍ ورثت منه كما يرث الذّكور، ولكنّ مقدار هذه الورثة لا تكون دائمًا بقدرِ ما يرثُ الرّجل، وإنّما يكون الميراث بحسب العدل الذي يحكم به سبحانه، ومراعاة الظّروف القائمة، فأحيانًا تأخذ من الميراث كما يأخذ، وأحيانًا تأخذ أكثر مما يأخذ وأحيانًا تأخذ أقلّ مما يأخذ، ولا يكون هذا التّفاوُت في الأخذ من الميراث إلّا لتحقيق مصالحَ من شأنها بناء الأسرة المتكاملة.

أوصى الإسلام بحسن معاملتها

- لقدر كرّم الله عزّ وجلّ المرأة المسلمة في نظرِ النّاس، ورفع قدرها وأوصى بحسن معاملتها بصرف النّظر عن نسبها أو جمالها أو مالها أو أي شيء آخر، إنّما جاء الأمر بالإحسان إليها سواء أكانت امرأةً متزوّجةً أم كانت فتاةً صغيرةً، فإن كانت أمًّا فإنّ الإسلام أمر أبناءها ببرّها وحسن معاملتها وأمرهم برعاتها والإنفاق عليها حال فقرها، وقد بيّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الصّحيح أنّ للأمّ في الإسلام ثلاثة حقوقٍ مقابل حقٍّ واحد للأب على الأبناء، وجعلَ اللهُ -عزّ وجلّ- رضاه عن العبد متعلّق برضى أمّه عنه.

- أمّا إن كانت الأنثى بنتًا، فإن الإسلام قد أوصى والدها بحسن تربيتها وتعليمها لترقى بنفسها وبأبنائها وبالمجتمع حولها، وإن كانت زوجًا، فإنّ الله -سبحانه وتعالى- أمرَ رجال المسلمين بحُسن عِشرتهنّ، وتستمل العِشرة الحسنة على كثير من المعاني العظيمة التي من شأنها إعطاء المرأة حقّها، ومن الأدلّة على حسن وصيّة الإسلام بالنّساء أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أوصى بالنّساء خيرًا فيحجّة الوداع، بل وحتّى في مرضه الذي توفّي فيه.

جعل الإسلام برّها سببًا في دخول الجنة

- إنّ من رحمات الله بالمسلمين أن أتاح لهم الكثير من الوسائل التي ترفع شأنهم في الآخرة، وإنّ طاعة الوالدة وبرّها من أهمّ أسباب دخول الجنّة ورفع المنزلة، ويقول عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما: "إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله من بر الوالدة"، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث عن الأمّ: "الزم قدميها فثمّ الجنّة".

- وقد قرن الله -سبحانه- عبادته ببرّها والإحسان إليها وببرّ الوالد والإحسان إليه، فقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ * وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً}، وهذا يدلّ على عظم شأنها ورفعة منزلة بارّها.

عمل الإسلام على مساواتها بالرجل في أغلب الحالات

- لقد تكرّم الله سبحانه وتعالى على الأنثى بأن سوّى بينها وبين الذّكور في كثير من الحقوق والواجبات بحسبِ الحكمة الإلهيّة، فقد سوّى بينها وبين الذّكور فِي العبادات سواءً البدنيّة منها أم الماليّة فقد فرضَ عليها الوضوء والصّلاة والصّوم والحجّ كما فرض هذه العبادات على الرّجل أيضًا، وقد ساوى سبحانه بينها وبينه بأن جعل العقوبات والحدود واحدة في الرّجال والنّساء.

جعل الإسلام نفقتها على الرجل

- ومما امتنّ به سبحانه على الإناث أن جعلَ نفقتها على الرّجل، فأراحها من مكابدة المتاعب في سبيل إيجاد المال الذي تحيا به، قال الله جلّ وعلا: {الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّل اللَّهُ بِهِ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، وقد ذكر ابْنُ كَثِيرٍ في تفسير هذه الآية أنّ النّفقة واجبة على الذكور للنساء، وبذلك تكتفي النّسوة من النّاحية المادّيّة فلا تحتاج لعملٍ أو ما شابه.

حماها الإسلام من شتى أنواع الأذية

- إنّ من أعظم ما امتنّ الإسلام على الإناث به أن تكفّل بحفظهنّ مما قد يتعرّضن له من سوء، وكان هذا متحقّقًا من جهات متعددة، منها أنّه فرضَ عليها الحجاب، وإنّ في احتجاب المرأة عن الرّجل حمايةٌ لها مما قد تتعرّض له من سوءٍ ناتجٍ عن الاختلاط، ومن جهةٍ أخرى فقد حمى الإسلام المرأة بأنّه لم يسمح لها بالسّفر دون حارسٍ شخصيّ لها وهو السفر بدون محرم، فيكون هذا المحرَمُ معاونًا لها على مشاقّ الطّريق ومتاعبها، وأمرٌ ثالثٌ هو أنّ الله سبحانه منعها من أن تختلط بالرّجال الأجانب عنها، وهذا أسلمُ للطرفين من الوقوع فيما يؤذيهما.

جعل الإسلام لها حقّ السكنى في بيتٍ مستقلّ

- لقد حكَمَ الله -جلّ وعلا- برفعة الأنثى ورقيّها خلاف ما كان معهودًا قبلُ، ومن ذلك أنّه أكرمها بأن منحها الأحقّيّة في بيتٍ مستقلّ مع زوجها، وليس له أن يجبرها على أن تعيش معه في بيتِ أهله، وليس له أن يجبرها على العيش مع زوجةٍ أخرى له إن كان ممن عدّدَ من الزّوجات.

خصص الإسلام لها مهرًا

- لقد أوجبَ الله -جلّ وعلا- المهر على كلّ رجلٍ أراد الزّواج من امرأة وفي هذا المهر إظهارٌ لمكانة المرأة وعلوّ قدرها في الإسلام، بل وإنّ على الرّجل إن لم يدفعِ المهرَ للمرأةِ أن يفسخَ العقد، وأن يتركَ زواجه من تلك المرأة، وقد ارتبطَ أقلّ مبلغٍ ممكنٍ من المهرِ عند الفقهاء بالمبلغ الذي يتمّ حدّ السّارقِ عليه، وفي هذا إظهارٌ بأنّه لا ينبغي لهذا المبلغ أن يكون قليلًا دنيئًا.

حرّم الإسلام ظلمها

- لقد جاء ضياء الإسلام للبشريّة مغيّرًا كثيرًا من المفاهيم التي كادت ترسَخُ في عقل العربيّ القديم، ومن ذلكَ أنّه كرّم المرأة في جميع نواحي حياتها خلاف المعهود؛ فأكرم مثواها حالَ كونها جنينًا وبعد أن كبُرَت فصارت طفلةً ثمّ أكرمها بعد أن صارت زوجًا أو أمًّا فحوّلها بذلك من سلعةٍ تباع وتشترى وتورَّث كالمتاع، إلى إنسانٍ مستخلفٍ في الأرض عزيزًا مساوٍ للرّجل تمامًا من هذه النّاحية، وكان من لوازم ذلك أنّه حرّم ظلمها، وأوصى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم بهنّ في قوله: "استوصوا بالنّساء خيرًا".

الآيات التي تتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام

- {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.

- {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.

- {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ}.

- {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

- {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.

الأحاديث النبوية التي تتحدث عن مكانة المرأة في الإسلام

- لقد اهتمّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالمرأة وقضاياها، وذلك واضح في كثيرٍ من الأحاديث النّبويّة الشريفة، منها:

- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا؛ فإنَّ المرأةَ خُلِقَتْ من ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلَاهُ؛ فإنْ ذهبْتَ تُقِيمُهُ كسرْتَهُ، وإنْ تركتَهُ لمْ يزلْ أعوَجَ؛ فاسْتوصُوا بالنِّساءِ خيرًا".

- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "ما رأيتُ مِنْ ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أغلَبَ لذَوِي الألبابِ وذوِي الرأْيِ منكُنَّ قالتِ امرأةٌ يا رسولَ اللهِ وما نقصانُ عقولِنا ودينِنا؟ قال: شهادَةُ المرأتَيْنِ منكُنَّ بشهادَةِ رجلٍ وَنُقْصَانُ إِحْدَاكُنَّ الْحَيْضُ، تَمْكُثُ الثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ وَلَا تُصَلِّي".

- عن طلعة بن معاوية السّلميّ قال: أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ إني أريدُ الجهادَ في سبيلِ اللهِ تعالى، فقال: {أُمُّكَ حَيَّةٌ؟} فقلتُ: نعمْ، فقال: {إلزم رجلها فثمَّ الجنّة}.

- عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها سمعت النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي".

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "الجنَّةُ تحت أقدامِ الأمَّهاتِ".

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه سمع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ، مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قالَ: أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ".

 

عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنّها سمعت النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "إنَّما النساءُ شقائقُ الرجالِ".

شارك المقال

مواضيع ذات صلة

أقسام الموقع