رز بنفسه وتقلد المركز الذي تركه سليم الثاني، ومراد الثالث، ألا وهو قيادة عموم الجيوش، فسار إلى بلگراد ومنها إلى ميادين الوغى والجهاد
-ولد عام 974هـ الموافق 1546م، وجلس على عرش السلطنة عام 1003 الموافق 1566م، بعد وفاة والده مراد الثالث باثني عشرة يوماً ، لأنه كان مقيماً في مغنسيا ، وأمه إيطالية الأصل اسمها بافو استرقها قراصنة البحر، وبيعت في السراي ، فاصطفاها السلطان مراد الثالث وأسماها صفية.
-لما تحقق للسلطان أن ضعف الدولة في حروبها سببه عدم خروج السلاطين وقيادة الجيوش بأنفسهم، برز بنفسه وتقلد المركز الذي تركه سليم الثاني، ومراد الثالث، ألا وهو قيادة عموم الجيوش، فسار إلى بلگراد ومنها إلى ميادين الوغى والجهاد.
-بمجرد خروجه دبت في الجيوش الحمية الدينية والغيرة العسكرية، ففتح قلعة (أرلو الحصينة) التي عجز السلطان سليمان عن فتحها في سنة 1556م، ودمر جيوش المجر والنمسا في سهل كرزت بالقرب من هذه القلعة في 12 أكتوبر سنة 1596 حتى شبهت هذه الموقعة بمعركة موهاكس الأولى التي انتصر فيها السلطان سليمان القانوني سنة 1526.
-تعرضت السلطنة في فترة حكمه لثورات داخلية عنيفة قادها؛ قره يازجي في الأناضول، وكان عمادها الجنود الذين فروا من معركة كرزت حيث نفوا إلى الأناضول، فقام أحدهم وهو قره يازجي قائد فرقة السكبان الانكشارية، وادعى رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وقد وعده بالنصر على آل عثمان، فأعلن التمرد بعد أن تبعه عدد كبير من الجنود المنفيين، ودخل مدينة عينتاب، وحاصرته الجيوش العثمانية، فأعلن الاستسلام على أن يعطى ولاية أماسيا، فوافق العثمانيون على ذلك، فلما ابتعدت الجيوش أظهر العصيان ثانية، وساعده أخوه دلي حسن والي بغداد، وجاء الجيش العثماني بقيادة صقلي حسن باشا فانتصر على قره يازجي الذي التجأ إلى الجبال قرب البحر الأسود ومات متأثراً بجراحه.
-واصل دلي حسن والي بغداد التمرد الذي بدأه أخوه، فانتصر على صقلي حسن باشا وقتله على أسوار توقات عام 1010هـ، وهزم ولاة ديار بكر وحلب ودمشق، وحاصر كوتاهية، ولما قوي أمره أخذته الدولة بالسلم والإرضاء وأعطته ولاية البوسنة استدراجاً له، فقبل وانصرف لقتال الأوروبيين حتى قضى على القسم الأكبر منها في مناوشات الدولة مع النمسا والمجر ولقي حتفه في حصار بودا.
-حدث تمرد ثاني قاده الخيالة في إسطنبول، طالبوا فيها بالتعويض عما لحق إقطاعتهم من أضرار بسبب الثورة هناك، ولم يكن بإمكان الدولة أن تعطيهم لعجزها، فاستعانت عليهم بالانكشارية وقضت على ثورتهم، بعد أن أفسدوا ونهبوا وسرقوا.
-تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن السلطان محمد الثالث، ترك تسيير شؤون الدولة الداخلية لوزرائه، فقام عدد من الوزراء ببيع المناصب العسكرية والمدنية، وضعفت العملة العثمانية، وحدث فساد كبير في ربوع البلاد المسلمة، كما وقعت في عهده بعض الهزائم العسكرية منها؛ في أقاليم البغدان وترانسلفانيا على يد ميخائيل الفلاحي بمساعدة جيش النمسا.