كانت بين المماليك بقيادة قلاوون سلطان مصر والشام، والمغول بقيادة نائب القائد المغولي "قازان" حفيد هولاكو
-يزخر تاريخ الأمة الإسلامية منذ عهد النبوة الأولى؛ بعشرات الفتوحات والمعارك والغزوات التي وقعت خلال شهر رمضان المبارك، وتحقق فيها انجازات كبيرة خالدة في ذاكرة الأيام، فأغلب الغزوات والمعارك التي قادها المسلمون في هذا الشهر الفضيل كانت تُكلَّل بالفوز والانتصار، حيث تجتمع لدى المجاهد الصائم فضيلتي مجاهـدةُ النفس ومجاهدةُ الأعداء، فإنِ انتصر تحقَّق له انتصاران؛ أولهما على هوى النفس، والثاني على أعداء الله، الموسوعة في هذا المنشور ترصد أهم الفتوحات والانتصارات التي حدثت خلال شهر رمضان.
-موقعة" شقحب" كانت بين المماليك بقيادة الناصر محمد بن قلاوون سلطان مصر والشام، والمغول بقيادة قتلغ شاه نويان "قطلوشاه" نائب القائد المغولي "قازان" حفيد هولاكو، وقعت سنة 702 هجرية في 2 رمضان، الموافق 20 إبريل 1303م، واستمرت ثلاثة أيام بسهل شقحب بالقرب من دمشق في سورية، وانتهت بانتصار المسلمين، حيث أنهت طموحات مغول فارس في السيطرة على الشام والتوسع في العالم الإسلامي.
-سبب المعركة هو استمرار الهجوم المغولي على أراضي المسلمين، بعد إسقاطهم حاضرة الخلافة العباسية بغداد عام 656هـ، وكان التتار وقتها تحت قيادة "قازان" حفيد "هولاكو" والذي أراد الاستيلاء على الأراضي المقدسة وتسليمها لحلفائه من الصليبيين، كما كان ينوي بسط نفوذه على إمارات الإسلام، وامتداد حكمه عليها، وخاصة مع ضعف حكامها وتشرذمهم، ولكن تهديد حدوده الشرقية أدى إلى أن ينيب عنه "قطلوشاه" في المعركة.
-بعد أن سقطت الخلافة في بغداد هرب الخلفاء إلى مصر، وعاشوا هناك من أجل إضفاء الشرعية على حكم المماليك كرمز فقط، وتولى الخلافة في مصر المستنصر، وبعده الحاكم بأمر الله الأول، وبعده جاء الخليفة المستكفي بالله من عام 701 إلى 736 للهجرة، وفي عهده جرت معركة شقحب، وكان الحاكم الفعلي في مصر، هو السلطان الناصر من المماليك.
-اجتهد العلماء على حث السلطان لمواجهة المغول، وقام شيخ الإسلام ابن تيمية، بمهمة جسيمة في هذا المجال، وكان في الشام، وفي شهر رجب من سنة 702 للهجرة، زادت الأخبار بعزم التتار على دخول بلاد الشام، كمنطلق نحو مصر، وخاف الناس بشكل كبير.
-نظم المسلمون جيشهم في سهل شقحب، وكان السلطان الناصر في القلب، ومعه الخليفة المستكفي بالله العباسي، والقضاة والأمراء، ثبت السلطان في أرض المعركة مع قواده، وأمر بأن يقيد فرسه حتى لا يهرب، وكتب وصيته وعزم على إحدى الحسنيين؛ النصر أو الشهادة، والتحم الجيشان، وكان قتال التتار عنيفًا حتى أنهم مالوا على المسلمين ميلة عظيمة وقتلوا كثيرًا من سادات المسلمين وأمرائهم، ولكن ثبت العسكر الشامي طوال الليل، واستحر القتل، ومالت الكفة لصالح المسلمين، وتغير وجه المعركة تمامًا في اليوم التالي، حيث أنه لما طلع النهار أراد التتار أن يلوذوا بالفرار بعد أن ترك المسلمون ثغرة في الميسرة ليمروا منها، فتتبعهم الجنود المسلمون وقتلوا منهم عددًا كبيرًا، كما أنهم مروا بأرض موحلة، وهلك الكثيرون منهم فيها، وقُبض على بعضهم.
-وكانت هذه الحملة هي الثالثة من حملات التتار على بلاد الإسلام، وآخر الحملات الكبرى التي قام بها التتار يريدون بها استئصال بيضة الإسلام، إذ سرعان ما أسلموا ودخل أغلبهم في دين الإسلام صادقين، وكانوا مددًا للجيوش الإسلامية يجاهدون معها أعدائها وينشرون الإسلام في شتى ربوع الأرض.