يعتبر فتح الأندلس من أعظم الانتصارات الرمضانية بعد عصر الخلفاء الراشدين
-يزخر تاريخ الأمة الإسلامية منذ عهد النبوة الأولى؛ بعشرات الفتوحات والمعارك والغزوات التي وقعت خلال شهر رمضان المبارك، وتحقق فيها انجازات كبيرة خالدة في ذاكرة الأيام، فأغلب الغزوات والمعارك التي قادها المسلمون في هذا الشهر الفضيل كانت تُكلَّل بالفوز والانتصار، حيث تجتمع لدى المجاهد الصائم فضيلتي مجاهـدةُ النفس ومجاهدةُ الأعداء، فإنِ انتصر تحقَّق له انتصاران؛ أولهما على هوى النفس، والثاني على أعداء الله، الموسوعة في هذا المنشور ترصد أهم الفتوحات والانتصارات التي حدثت خلال شهر رمضان.
-يعتبر فتح الأندلس من أعظم الانتصارات الرمضانية بعد عصر الخلفاء الراشدين، فأكبر فتح إسلامي على الإطلاق هو الذي تمكن من خلاله المسلمون من عبور البحر المتوسط انطلاقا من المغرب ودخول الأندلس.
-الصراع بين حاكم الأندلس بين حاكمها المعروف بلقب لُذريق وبين ملوك مسيحيين مجاورين له، عزز فكرة فتح هذه البلاد لدى المسلمين، وبعد مراسلات بين هؤلاء الملوك وبين الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، قرر الخليفة تكليف موسى بن نصير بفتح الأندلس، واختار موسى تكليف طارق بن زياد بهذه المهمة العسكرية.
-لم يكن الفتح الإسلامي للأندلس معركة واحدة جرى خلالها عبور البحر الأبيض المتوسط، بل كانت رحلة طويلة تخللتها معارك كبرى أغلبها جرى في شهر رمضان، ففي هذا الشهر من سنة 91 هـ وقع العبور الأول الذي أقدم عليه الجانب الإسلامي على سبيل الاختبار واستطلاع الوضع في الضفة الشمالية لبحر المتوسط، وعاد القائد العسكري طريف بن مالك من تلك الغزوة بغنائم وفيرة وانتصارات عسكرية كاسحة بسط معها السيطرة على الجزيرة الخضراء.
- خاض المسلمون معركة وادي لكة الشهيرة التي كانت حاسمة في تمهيد الطريق للاكتساح الإسلامي لشبه الجزيرة الأيبيرية، في شهر رمضان من سنة 92 ه، وقد قضت هذه المعركة على جيش الملك القوطي الجرماني المعروف باسم لذريق، وقد تطلّب حجم المعركة من المسلمين تعبئة قرابة 7000 مقاتل جلّهم من الأمازيغ، يتقدمهم طارق بن زياد بدعم من يوليان حاكم سبتة، وهذه المعركة هي التي شهدت إلقاء طارق بن زياد للخطبة الشهيرة المنسوبة إليه، بعدما أحرق السفن كدليل على أن جيش المسلمين ليس أمامه أي خيار للتراجع.
-وتفسّر بعض المصادر النصر الإسلامي في هذه المعركة باستراتيجية طارق بن زياد الذي لاحظ التفوق العددي للجيش القوطي، فركّز قوته في استهداف الملك لذريق شخصيا، ليتمكن من قتله ومن ثم إرباك صفوف جيشه لتتوالى انتصارات المسلمين بعد تلك الموقعة.
-عبر موسى بن نصير بنفسه نحو الأندلس في رمضان سنة 93 هـ، وكان يرافقه جيش من المقاتلين أغلبهم من العرب، ليلتحق بجيش طارق بن زياد ويدعمه في زحفه المتواصل على الأراضي الأيبيرية، ومن أول ما قام به تشييد مسجد الرايات في المكان الذي اجتمعت فيه رايات الجيوش الإسلامية للتشاور والتخطيط لزحفها الأول، وقد سلك موسى طريقا مختلفة عن تلك التي مر بها جيش طارق بن زياد، ففتح مدنا جديدة على رأسها إشبيلية شرقا، بينما كان الجيش الذي يقوده ابنه عبد العزيز قد استكمل فتح مدن الجنوب الغربي من إسبانيا الحالية.
-بحلول شهر رمضان سنة 94 هـ، تمكن جيش المسلمين من فتح مدينة ماردة بعدما استعصت عليهم لفترة طويلة، وكان لهذا الفتح فائدة مزدوجة، فإلى جانب ضم مدينة حصينة ومحاطة بتضاريس وعرة إلى مجال النفوذ الإسلامي، كان اقتحام حصون ماردة يعني أيضا القضاء على فلول الجيش القوطي وكبار قادته العسكريين الذين لاذوا إثر هزيمتهم في معركة وادي لكة لمدينة ماردة وتحصنوا بداخلها.