وقعت أحداث كبيرة واهمة في عهده، على المستوى الداخلي للدولة، وعلى مستوى الدولي ومتغيرات معادلات الصراع العالمي
السلطان محمد الخامس رشاد بن عبد المجيد الأول بن محمود الثاني عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع، ولد في 2 نوفمبر 1844، وتوفي في 3 يوليو 1918، وهو السلطان الخامس والثلاثون للدولة العثمانية، تولى الحكم بعد خلع أخيه عبد الحميد الثاني عام 1909 وكان عمره 65 عاماً، بعد أن قضى حياته محبوساً في عهد اخيه على ماجرت عليه عادة السلاطين العثمانيين.
-وقعت أحداث كبيرة واهمة في عهده، على المستوى الداخلي للدولة، وعلى مستوى الدولي ومتغيرات معادلات الصراع العالمي، وقد حكم تسع سنواتٍ فقد فيها معظم الأقطار المتبقية في الإمبراطورية العثمانية، ولم يبق مع الدولة في آخر عهده سوى الأناضول فقط تقريبًا بالإضافة إلى إسطنبول.
-أعيد تفعيل الدستور بعد تنصيبه، وحصل الاتحاديون على نصر ساحق في الانتخابات النيابية عام 1330 هـ، فأحكموا قبضتهم على السلطة، وكانت الدولة تعيش أزمات مستحكمة، فالموظفون لا يتقاضون رواتبهم، والحكومة لا تقدر على سداد ديونها الخارجية في مواعيدها، كما أن الانفلات الأمني صار سمةً ظاهرة، وعمت الفتن كثيرًا من الولايات.
-أرسلت إيطاليا إنذارًا مفاجئًا إلى الدولة العثمانية في 28 سبتمبر 1911م، تهدد فيه باحتلال ليبيا، زعمت فيه أن مشاريعها من أجل تقدم ليبيا معاقة بالموظفين العثمانيين، ولهذا فهي ستحتل ليبيا من أجل تنفيذ مشاريعها الحضارية والإنسانية، أرسلت حكومة الاتحاد والترقي رسالةً للإيطاليين؛ ذكرت فيها أن الحكومة العثمانية لا تضمر أي عداء للمشاريع الإيطالية في طرابلس الغرب وبرقة، وأنها مستعدة لتطمين جميع المطالب الإيطالية، غير أنها تمانع بصورةٍ قاطعة الاحتلال الإيطالي، في 5 أكتوبر 1911م وصلت الأساطيل الإيطالية إلى السواحل الليبية.
-اندلعت حروب البلقان في شهر أكتوبر 1912م، فأعلنت دول الجبل الأسود، وصربيا، وبلغاريا، واليونان، الحرب على الدولة العثمانية، فاضطرت الدولة إلى عقد معاهدة أوشي وتعرف كذلك بمعاهدة لوزان الأولى مع إيطاليا لإنهاء الحرب في ليبيا، وهكذا سقطت ليبيا تحت الاحتلال الإيطالي الذي سيستمر إلى عام 1947م.
-على الصعيد الدولي شهد عصر السلطان محمد الخامس نشوب الحرب العالمية الأولى، وقد شاركت فيها الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا، وأصبحت المسمار الأخير في نعش الإمبراطورية بعد خسارة الحرب، ولم تبق بعد هذه الحرب إمبراطورية تضم عدة أقطار؛ ولكن بقي الأناضول وإسطنبول فحسب، وظهرت دولة تركيا الحديثة.
-استغل شريف مكة حسين بن علي الظروف الصعبة التي تمر بها الدولة العثمانية في الحرب، وقرر التحرك في سبيل تكوين مملكة عربية يكون هو على رأسها، وكان والياً على إمارة مكة منذ عام 1908، وكان ابنه عبد الله في البرلمان العثماني، بدأ الأمر بمراسلاتٍ مع السفير البريطاني في القاهرة السير هنري مكماهون، في 14 يوليو 1915م واستمرَّت إلى 10 مارس 1916، في هذه المراسلات عرض الشريف حسين على بريطانيا الاعتراف بدولةٍ للعرب في مقابل قيام العرب بثورة ضد العثمانيين، واشتراك الطرفين العربي والإنجليزي في الحرب ضد الدولة العثمانيَّة، وقد وافقت الحكومة البريطانية.
-في الوقت الذي كان السير مكماهون، يراسل الشريف حسين ليخدعه بجدوى التحالف مع الإنجليز ضد العثمانيين، كان الدبلوماسي العسكري البريطاني مارك سايكس، يجلس مع قرينه الفرنسي فرانسوا چورچ بيكو، برعايةٍ روسيةٍ وإيطالية، ليتفاوضا على تقسيم المناطق العربية بين بريطانيا وفرنسا، فيما اشتهر باتِّفاقيَّة سايكس-بيكو، وقعت المعاهدة في شهر مايو 1916م، بعد مباحثاتٍ استمرت ستة أشهر، خصصت الاتفاقية لبريطانيا جنوب فلسطين، والأردن، وجنوب العراق، وموانئ حيفا وعكا في فلسطين لتضمن مخرجًا على البحر المتوسط، أما فرنسا فستأخذ جنوب شرق تركيا، وشمال العراق، وسوريا، ولبنان. أما وسط فلسطين شاملًا القدس فسيكون تحت إدارةٍ دولية، وفي اتفاق آخر عقد عام 1916م عرف باتفاق سازونوڤ-باليولوج، ستحصل روسيا بموجبه على أرمينيا الغربية، والقسطنطينية، والمضايق البحرية؛ أما إيطاليا فستحصل -بموجب اتفاقية سانت چين دي مورين عام 1917م على جنوب الأناضول.
-قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى بشهور، توفي السلطان محمد الخامس في 3 يوليو 1918م.