يمكن اعتبار ثورة اكتوبر في روسيا ثورة غير دمويةٍ حيث لم يسفك فيها الكثير من الدماء.
- كغيرها من دول أوروبا كانت روسيا تخضع لنوعٍ من أنواع الحكم الملكية فكانت تعرف بروسيا القيصرية نسبةً إلى القيصر الذي كان يحكم البلاد حينها. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى سقطت معظم إن لم نقل كل الحكومات الملكية في أوروبا، وسقط قيصر روسيا كذلك في عام 1917.
- وقد شهدت روسيا عام 1917 ثورتان غيرتا وجه روسيا القيصري تمامًا، حيث اندلعت الثورة الأولى في فبراير من العام 1917 فأطاحت بالنظم الملكي الروسي أنشأت حكومة مؤقتة لإدارة البلاد. وبعد ثمانية أشهر فقط على ثورة فبراير، اندلعت ثورة اكتوبر في روسيا أو ما تعرف بالثورة البلشفية لتتشكل أول دولةٍ شيوعيةٍ في العالم.
ما قبل ثورة اكتوبر في روسيا
- بعد ثورة فبراير التي أطاحت بالقيصر نشأت مجموعتان تتنافسان لقيادة الدولة الجديدة، تكونت الأولى من أعضاء مجلس الدوما السابقين والذين يمثلون الطبقة الوسطى والعليا من المجتمع الروسي في حين تكونت الثانية من السوفيت الذين يمثلون العمال والجنود.
- في النهاية، شكل أعضاء مجلس الدوما السابق حكومةً مؤقتةً لإدارة البلاد، حيث قامت هذه الحكومة بإلغاء حكومة الإعدام وأصدرت عفوًا عن جميع السجناء السياسيين سمحت بعودة السياسيين في المنفى كما أنهت التمييز الديني والعرقي واعترفت بالحريات المدنية.
- رغم الإصلاحات التي قامت بها الحكومة المؤقتة إلا أنها لم تنسحب من الحرب وأصرت على أن روسيا ملتزمةٌ تجاه حلفائها في الحرب بمواصلة القتال، كما أنها لم تصلح نظام الأراضي والملكية ولم تثمر تحسنًا نوعيًا في حياة الشعب الروسي.
لينين يعود من المنفى
- كان فلاديمير إيليتش لينين يعيش في منفاه في سويسرا عندما أطاحت ثورة فبراير نظام القيصر في روسيا، وبمجرد سماح الحكومة المؤقتة للمنفيين السياسيين بالعودة، عاد لينين إلى روسيا.
- وصل لينين إلى بتروغراد في روسيا في 3 أبريل 1917 حيث كان في انتظاره عشرات الآلاف من العمال والجنود لتحيته، وفي خطابه الأول هنأ لينين الشعب الروسي على ثورته الناجحة ولكنه في الوقت ذاته وجه انتقاداتٍ لاذعةً للحكومة المؤقتة وذكّر الناس بأن البلد لا يزال في حالة حربٍ وأن الحكومة المؤقتة لم تفعل شيئًا لإعطاء الشعب الخبز والأرض ودعا إلى ثورةٍ جديدةٍ.
ثورة اكتوبر في روسيا
- كان لينين في البداية الصوت الوحيد الناقد للحكومة المؤقتة إلا أنه لم ييأس واستمر في إدانته ونشاطه ضدها حتى استطاع في العاشر من أكتوبر أن يعقد اجتماعًا سريًا لقادة الحزب البلشفي لمناقشة ثورةٍ جديدةٍ مسلحةٍ ضد الحكومة المؤقتة، ومع نهاية الاجتماع كان التصويت لصالح فكرة لينين في الثورة.
- انطلقت الثورة في الخامس والعشرين من أكتوبر، حيث سيطرت القوات الموالية للبلاشفة على التلغراف ومحطة الطاقة والجسور الاستراتيجية ومكتب البريد ومحطات القطارات والبنك الحكومي بنجاحٍ منقطع النظير ودون الحاجة لاستخدام السلاح!.
- ومع نهاية اليوم الأول للثورة كانت بتروغراد بالكامل تحت سيطرة البلاشفة باستثناء القصر الشتوي الذي احتمى داخله قادة الحكومة المؤقتة، لكن لم يدم هذا طويلًا فمع بداية اليوم التالي للثورة اقتحمت القوات الموالية للبلاشفة القصر الشتوي وتمكنت من السيطرة عليه.
نتائج الثورة
- يمكن اعتبار ثورة اكتوبر في روسيا ثورة غير دمويةٍ حيث لم يسفك فيها الكثير من الدماء، كما أنها وبمجرد وصل البلاشفة للحكم أعلن لينين أن روسيا ستنسحب من الحرب وأنه سيلغي الملكية الخاصة للأراضي وأنه سينشأ نظام رقابةٍ لإنصاف العمال في المصانع.
الحرب الأهلية
- كانت قرارات لينين ثوريةً بكل معنى الكلمة ولكن لم يدري أحد حينها أنها ستقود البلاد إلى حربٍ أهليةٍ تأكل الأخضر واليابس، فبعد انسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى، عاد ملايين الجنود الروس إلى منازلهم، عادوا جائعين ومنهكين من الحرب وكانوا يتطلعون للعودة إلى وظائفهم التي شغلوها قبل اندلاع الحرب.
- إلا أن الوظائف لم تعد موجودةً وبدون الحرب لم تعد المصانع تعمل كما كانت أيام الحرب وبالتالي فهي ليست بحاجةٍ لأعدادٍ كبيرةٍ من الموظفين، أما بخصوص الغذاء فقد أدى إلغاء الملكية الخاصة إلى عدم وجود حافزٍ للإنتاج والنمو فقد بدأ المزارعون في إنتاج ما يكفي من المنتجات لأنفسهم دون زيادة!
- هنا بدأ ينظر جزءٌ من المجتمع الروسي لقرارات الثورة البلشفية على أنها كارثيةٌ وأنها دمرت الاقتصاد في البلاد فحاول الملكيين والليبراليين والاشتراكيين وغيرهم من الفئات السياسية القيام بعملٍ ضد السوفييت بهدف تغيير الحال الذي وصلت إليه البلاد، إلا أن هذه التحركات لم تعجب البلاشفة بطبيعة الحال مما أدى لاندلاع حربٍ أهليةٍ بين الطرفين في يونيو عام 1918.
- استمرت الحرب الأهلية أكثر من عامين وكانت دمويةً ووحشيةً وقاسيةً، استطاع في نهايتها البلاشفة من السيطرة على كامل روسيا ولكن على حساب الملايين من الناس الذين قتلوا.