خلَّد المؤرخون اسم الخليفة المعتصم؛ لِما قام به من نجدة المسلمين في بلدة عمورية والدفاع عنهم ضد هجمات الروم
-يزخر تاريخ الأمة الإسلامية منذ عهد النبوة الأولى؛ بعشرات الفتوحات والمعارك والغزوات التي وقعت خلال شهر رمضان المبارك، وتحقق فيها انجازات كبيرة خالدة في ذاكرة الأيام، فأغلب الغزوات والمعارك التي قادها المسلمون في هذا الشهر الفضيل كانت تُكلَّل بالفوز والانتصار، حيث تجتمع لدى المجاهد الصائم فضيلتي مجاهـدةُ النفس ومجاهدةُ الأعداء، فإنِ انتصر تحقَّق له انتصاران؛ أولهما على هوى النفس، والثاني على أعداء الله، الموسوعة في هذا المنشور ترصد أهم الفتوحات والانتصارات التي حدثت خلال شهر رمضان.
-طمع "تيوفيل بن ميخائيل" ملك الروم في بلاد المسلمين، خاصة عندما علم أن جنود المسلمين جميعهم في أذربيجان يواصلون فتوحاتهم. فأخذ يعبئ الجنود، وخرج قائدًا على مائة ألف من الروم لقتال المسلمين، فوصل إلى حصن "زبطرة"، فقتل الأطفال والشيوخ، وخرّب البلاد، وأسر النساء وسباهن، وانتهك أعراضهن وحرماتهن، ومثّل بكل من وقع في يده من المسلمين . وكان من ضمن النساء امرأة اقتادها جنود الروم للأسر، فصرخت هذه المرأة، وقالت: "وامعتصماه".
-لما وصل الخبر إلى خليفة المسلمين المعتصم استشاط غضبًا، وأخذته الحمية والغضب لله، وقال: "لبيك"، فقصد بلدة عمورية استجابة لاستغاثة أهلها، فجهز جيشا عظيما وخرج إلى عمُّوريَّة في (جمادى الأولى 223هـ/ أبريل 838م)، وعندما وصل إلى طرسوس، قام بتقسيم جيشه إلى قسمين: الأول إلى أنقرة بقيادة الأفشين، والثاني بقيادته إلى عمورية.
-خرج الخليفة العباسي المعتصم على رأس الجيش لنجدة المسلمين، وعسكر بهم غربي نهر دجلة، وبعث عجيف بن عنبة وعمرًا الفرغاني لنجدة أهل مدينة (زبطرة)، فوجدا أن الروم كانوا قد رحلوا عنها بعد الفواحش الكثيرة التي ارتكبوها بأهلها، لكن المعتصم أصرّ على تتبع الروم وعدم الرجوع عن قتالهم، فسار إلى بلادهم، وسأل عن أقوى حصونها، فعلم أنها عمورية؛ حيث لم يتعرض لها أحد من القادة المسلمين من قبل، وأنها أفضل عند الروم من القسطنطينية نفسها، فصمّم أمير المؤمنين المعتصم على فتح هذه المدينة.
-أقام المعتصم على نهر سيحان، وأمر أحد قادته وهو "الإفشين" أن يدخل بلاد الروم عن طريق "الحدث"، كما أمر "أشناس" أن يدخل عن طريق "طرسوس"، وحدد لهما يومًا يلتقيان فيه عند أنقرة، ثم دخل المدينة وسار حتى وصل عمورية، ونظّم المعتصم الجيش فجعل نفسه في القلب، و"الإفشين" على الميمنة و"أشناس" على الميسرة، وقام الجيش الإسلامي بحصار المدينة حصارًا شديدًا، حتى استطاع أن يُحدث ثغرة في سورها، فاندفع الجنود داخل المدينة، وحاربوا بكل قوة وشجاعة؛ حتى سيطروا على المدينة، وانتصروا على الروم يوم 6 رمضان.
-خلَّد المؤرخون اسم الخليفة المعتصم؛ لِما قام به من نجدة المسلمين في بلدة عمورية والدفاع عنهم ضد هجمات الروم، كما خلَّده الشعراء، وعلى رأسهم أبو تمام حبيب بن أوس عندما قال:
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في مُتُونِهــنَّ جـلاءُ الشَّــــك والـريَبِ