أشد فترات الحصار قسوة بدأت عام 2006 في محاولة مدعومة دولياً لمعاقبة أهل القطاع على انتخابهم حركة حماس في الانتخابات التشريعية
-اخضعت دولة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين قطاع غزة للتضييق الأمني والحصار الاقتصادي، منذ احتلاله في أعقاب حرب 1967 مع ومصر وسوريا، ولكن أشد فترات الحصار قسوة وأفظعها أثرا هي تلك التي بدأت في النصف الأول من عام 2006، في محاولة مدعومة دولياً وإقليمياً لمعاقبة أهل القطاع على انتخابهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية المنظمة في يناير/كانون الأول 2006، مما أعطاها أغلبية ساحقة في مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، على أمل إثارة استياء الشارع الفلسطيني من أدائها والتعجيل بإنهاء تجربتها في الحكم.
-تطوير المقاومة الفلسطينية لقدراتها الذاتية، وأدواتها ووسائلها العسكرية كانت وراء تشديد الحصار على القطاع، بهدف إضعاف قدراتها وإجهاض جهودها التسليحية، فقرار إحكام الحصار على القطاع جاء بعد عملية أسر مقاومين من غزة للجندي الصهيوني جلعاد شاليط يوم 25 يونيو/حزيران 2006، في عملية عسكرية نوعية أطلقت عليها المقاومة اسم "الوهم المتبدد"، وعُدّت من أكثر العمليات الفدائية الفلسطينية تعقيدا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية.
-تسبب الحصار بتدهور كبير في مستويات المعيشة وخدمات الصحة والتعليم والوقود والكهرباء التي تنقطع بشكل متكرر عن 70% من بيوت ومنشآت غزة، وفاقم سوءَ الأوضاع ما تعرض له القطاع من عدوان عسكري مدمر للإنسان والعمران في أعوام 2006 و2008 و2012 و2014.
-أدى الحصار إلى تقليص مداخيل سكان القطاع المادية، والى تدمير مشاريعهم الاقتصادية، كما تسبب بتضييق الخناق على المؤسسات التجارية وعرقل مشاريع التنمية والبنى التحتية، كم خلال منع إدخال البضائع التجارية وحظر تصدير منتجات القطاع، وإغلاق المعابر أغلب الأوقات أمام المسافرين من وإلى القطاع، وتجاوزت نسبة الذين يعتمدون على المساعدات 80% من السكان (1.8 مليون نسمة)، بعد أن فقد أكثر من ثمانين ألف عامل مصادر رزقهم، وأغلقت 80% من المصانع، وتوقفت جميع المشاريع الإنشائية.
-تعرض أكثر من 80% من المحاصيل الزراعية للتلف بسبب عدم السماح بدخول الأدوية الزراعية والأسمدة وغيرها من المستلزمات الزراعية، وأصيب قطاع الاستثمار بانتكاسة كبيرة، وتجاوزت الخسائر المباشرة لقطاع المستوردين والتجار 25 مليون دولار، حيث تكبد نحو ألفي مستورد فلسطيني خسائر فادحة بسبب تراكم الحاويات في موانئ دولة الاحتلال.
-أحكمت السلطات المصرية إغلاق معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة مما حرم أهلها من منفذهم الوحيد إلى العالم، ولم تسمح بفتحه إلى فترات محدودة استجابة لحالات إنسانية حرجة للغاية، كما شنت حملة كبيرة على الأنفاق التي كسر بها الغزيون حصار السلع والمواد التموينية، فدمرت المئات منها، وجعلت مكانها سياجا أمنيا موصولا بالكهرباء وحواجز مائية ضخمة، فساهم النظام المصري في إحكام الحصار، وكانت إجراءاته اشد من الاحتلال قساوة، باستثناء الفترة التي فصلت بين سقوط حسني مبارك في 11 فبراير/شباط 2011 والانقلاب على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013.
-حسب تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) صادر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، فإن التكلفة الاقتصادية لحصار غزة خلال العقد الماضي قدرت بـ16.7 مليار دولار أميركي، وبلغت نسبة البطالة إلى نحو 49 في المائة، وانكمش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 27 في المائة، وقفزت معدلات الفقر من 40 في المائة في عام 2005، إلى 56 في المائة في عام 2020، فضلاً عن ارتفاع فجوة الفقر من 14 في المائة إلى 20 في المائة، وتضاعفت تكلفة انتشال سكان القطاع من الفقر أربع مرات، وذلك من 209 ملايين دولار إلى 838 مليون دولار.