ولد السلطان سليمان الثاني في 15 أبريل 1642 بمدينة اسطنبول، وأمضى معظم حياته في القفص
-ولد السلطان سليمان الثاني في 15 أبريل 1642 بمدينة اسطنبول، وأمضى معظم حياته في القفص، وهو سجن فخم للأمراء العثمانيين داخل قصر طوب قبو لضمان عدم قيامهم بتمرد على السلطان الجالس على العرش، تولى الحكم بعد أن خلع الجند أخيه محمد الرابع عام 1687.
-استلم الحكم في ظروف استثنائية كانت تعصف بالدولة العثمانية. ولم يكن له من الأمر شيء إنما كان الأمر كله لصدوره العظام، جلس على كرسي الحكم أربعة سنوات تناوب فيها على منصب الصدارة العظمى ثلاثة في أول سنتين، وآخر سنتين تولى الصدارة رجل واحد فقط هو فاضل مصطفى كوبرولو.
-كان كوبرولو من أعظم الإداريين الذين شهدتهم الدولة العثمانية في كل تاريخها، وكأنه نَهَلَ علوم والده الشهير محمد باشا كوبرولو كلها، وزاد عليها. غير أنه فاق أباه كذلك في القدرات العسكرية، فكان بارعًا فيها براعته في إدارة الدولة. كان عمره يوم تولى الصدارة اثنتين وخمسين سنة، جامعًا في هذا العمر بين حماسة الشباب، وحكمة الشيوخ، فأجرى إصلاحات واسعة في الدولة، وحارب الفساد وعزل الفاسدين، وأصلح الجيش ووضع حدا لتمر الانكشارية.
-استغلت الميليشيات الصربية الاضطرابات الداخلية الشديدة في إسطنبول، وقامت بمساعدة النمسا باحتلال مدينتي ليبوڤا وإنيو (المدينتان غرب رومانيا اليوم) عام 1688م، فلم يعد باقيًا في حوزة العثمانيين من الأراضي المجرية إلا إقليم تيميشوار (أقصى غرب رومانيا)، بالإضافة إلى مدينة چيولا (جنوب شرق المجر الآن)، فصار بذلك الطريق صار مُمَهَّدًا لأهم مدينة عثمانية في وسط البلقان، وهي بلجراد.
- اشتركت قوات متعددة من التحالف الصليبي المقدس في عملية غزو واسعة النطاق لمناطق صربيا والبوسنة في بدايات صيف 1688م، فوصلت إلى شمال بلجراد في أغسطس 1688، لم يبذل الجيش العثماني جهدًا كبيرًا في الدفاع عن بلجراد فأُخِذَت تقريبًا دون مقاومة بعد حصار شهر، لتسقط في يد النصارى للمرة الأولى منذ عام 1521.
-قوات صليبية أخرى اقتحمت شمال البوسنة في نفس العام، وتمكنت في 4 سبتمبر 1688من إسقاط قلعة باني لوكا وسط الشمال (على بعد 40 كيلو متر من الحدود الكرواتية)، ثم سيطروا على مدينة زڤورنيك في 4 أكتوبر (على الحدود البوسنية الصربية).
-عملت البندقية بشكل موازٍ مع التحالف الصليبي، فغزت جزيرة نيجروبونتي المهمة في بحر إيجة بالتوقيت نفسه الذي كان التحالف يقتحم فيه البوسنة وصربيا، ومع ذلك لم تتمكن البندقية من تحقيق حلمها في إعادة السيطرة على مركزها القديم في الشرق، والذي كان قد سقط في يد السلطان محمد الفاتح عام 1470م.
-تقدم التحالف الصليبي انطلاقًا من بلجراد، ناحية أهم مدن صربيا بعد بلجراد وهي سمندرية، والتقى الجيش العثماني بقيادة عرب رجب باشا قائد الجيوش العثمانية في جبهة النمسا، وجيش التحالف الصليبي في 30 أغسطس 1689م، عند مدينة باتوشينا، فهزم الجيش العثماني، واحتُلت باتوشينا، وسقطت سمندرية، وأكمل الصليبيون اقتحامهم لصربيا، فوصلوا إلى مدينة نيش الاستراتيجية، وفي 24 سبتمبر، تعرَّض الجيش العثماني لهزيمة اكبر وغَنِمَت قوات التحالف الصليبي أكثر من مائتي مدفع عثماني، ثم أقدم الصليبيون على اقتحام بلغاريا واحتلال مدينة ڤيدين في 14 أكتوبر.
-شهدت فترة تولي فاضل مصطفى كوبرولو منصب الصدر الاعظم إصلاحات كبيرة في الدولة، وفي صيف 1690م سيّر جيشان من إدرنة؛ الأول وكان على رأسه كوبرولو خرج اقتحم صربيا بحماسة عجيبة متناسيًا جراح الأعوام السبعة الماضية، ووصل إلى أول قلعة يسيطر عليها النمساويون في شرق الإقليم، وهي قلعة بايروت، فأسقطها بسهولة في 9 أغسطس 1690م، وأتبعها بقلعة أخرى اسمها قلعة موسى باشا، ففتحها في 12 أغسطس، ومنها توجه إلى المدينة الرئيسة في جنوب صربيا وهي نيش، التي ضرب الحصار حولها وكان يدافع عنها جيش صليبي يُقَدَّر بعشرة آلاف مقاتل معهم تسعون مدفعًا كبيرًا، استمر الحصار ثلاثة وعشرين يومًا ثم سقطت المدينة في 9 سبتمبر، وغَنِمَ المسلمون المدافع كلها، ثم توجَّه هو إلى سمندرية وبعد حصار يومين سقطت المدينة، وأكمل الجيش المنتصر طريقه متوجِّهًا إلى أهم وأحصن مدينة في وسط البلقان بلجراد، في أوائل أكتوبر 1690م. كان النمساويون قد أصلحوا الأسوار بشكل عظيم خلال العامين اللذين حكموا فيهما المدينة، كما زوَّدوا القلاع بثلاثمائة وستة وتسعين مدفعًا ألمانيًّا قويًّا. نصب الصدر الأعظم حول المدينة تسعة وأربعين مدفعًا ثم بدأ القصف فورًا، وتم فتحها يوم 8 أكتوبر بعد ستة أيام من الحصار.
-الجيش الثاني اتجه إلى ترانسلڤانيا في الشمال، والثاني إلى صربيا في الغرب. كان الجيش الأول يهدف إلى تنصيب إمري توكولي، الحليف المجري للعثمانيين، على ترانسلڤانيا، وبذلك يعيد ولاء الولاية للدولة، وقد نجح في مهمته وحقق انتصارًا كاملًا على الجيش المتحد للنمسا وترانسلڤانيا في موقعة زيرنست، في 11 أغسطس 1690م، هذا الانتصار كسر الجيش النمساوي.
-مرض السلطان سليمان الثاني في أوائل عام 1691م، وكان ملازمًا الفراش معظم الأوقات. فاضطر الصدر الأعظم إلى الخروج من إسطنبول بجيشه يوم 14 يونيو متجهًّا لجبهة المجر، وبعد ثمانية أيام مات السلطان قبل أن يبلغ الخمسين بعام واحد.